صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، الطبعة العربية لرواية "بلاد القائد" للكاتب اليمني، المقيم في باريس علي المقري، بالتزامن مع طبعة المتوسط الفلسطينية "الأدب أقوى" والتي توزع في الداخل الفلسطيني مع الدار الرقمية، والأدب أقوى هو: (مشروع أطلقته المتوسط لإصدار طبعة فلسطينية لعدد من كتبها بالتزامن مع صدور طبعتها في العالم العربي، لتكون كتب الدار جزءًا من العمل المقاوم لسلطات الاحتلال، من خلال كسر التضييق الذي يُفرض على القارئ الفلسطيني).

في بلادٍ وُصفت ببلادِ الثورة، وصارت تُعرف ببلاد القائد، يضطرُّ روائيٌّ للمساهمة في كتابة سيرة رئيسها، مع لجنة تعمل على توثيق وكتابة حياة القائد المُلهِم، التي «لا تشبه أي سيرة مكتوبة، أو حتى معاشة من قبل»، ومن حيث أنه «ليس بمفكر أو عبقري، وإنّما الملهم للفكر والعبقرية». هكذا يعيش السارد/ الروائي صراعاً داخلياً يتراوحُ بينَ أن يحصل على عائد مالي يساعده في علاج زوجته المريضة سماح، وما اعتبره فضيحةً في حياته الأدبية والشخصية، خاصّة بعد لقائه بابنة الرئيس الشيماء، صاحبةَ تجارب زواجٍ سابقة والمعجبة بروايته التي تصوِّر الحرمان واللوعة والتمرد الجنسي. لتطلب منه بعد عدة لقاءات أن يتزوجها سراً.

تتسارعُ الأحداثُ وتنقلبُ رأساً على عقب، حين تقومُ الثَّورة، حيثُ صار الكلّ ضدَّ الكلّ، وهنا يرصد الكاتبُ تحوُّلات الأشخاص وكشفهم عن هوياتهم الحقيقية، إذ بدت لهم الثورة وكأنها تعني التقارب مع الموت، أكثر من الحياة.

رواية "بلاد القائد" تقاربُ بعبقرية سردية ما يُشبه مآلات ديكتاتوريين عرب، وما لا يُشبه سيَرهم في شيء، لأنَّهم متفرِّدون حتى في جنون عظمتهم.

من الكتاب:

... استمعتُ بعدها لمقترحات الاسم الذي سيُطلَق على كتاب السيرة، وقد صرتُ لا أدري ما الجديد الذي يمكنني تقديمه بعد أن أكّدوا لي أنه لم يعد هناك أحسن ممّا كان. طاوعتُ نفسي على اتّباع توجّههم دون أن أُخفي ما أظنّه قابلاً لإدهاشهم، ويكون مناسباً، في أسلوبه على الأقلّ، لكتابة السيرة بطريقة جديدة، وإن لم تكن مختلفة. رأيتُ أن يشير الاسم إلى إسهاماته النّهضويّة المُلهِمة. لكن المُحبّ ردّ عليّ سريعاً: «هو ليس نهضوياً، وإنما هو النّهّاض الذي يَستلهِم الناهضون، في نهضتهم، قدرتَهُ»، وشرح أن ليس هناك إلهام يجيء للقائد، لكي يُبدع فكره، وإنّما القائد هو المصدر لهذا الإلهام، هو المُلهِم لخلاص البشرية جمعاء، من كل مشاكلها الدّنيويّة والآخروية، «نعم، الآخروية، كتلك التي تؤرّق الناس في علاقاتهم بربّهم وانتظارهم للجزاء أو العقاب» أوضح المُحبّ، وشعرتُ كأنني المستهدف في كلامه، وقد راح يتحدّث عن إلهام القائد للمفكّرين الاقتصاديّيْن والاجتماعيّيْن، بل لعباقرة الفكر عامّة ولمبدعي الآداب والفنون: «ليس هو بمفكّر أو عبقري، وإنّما المُلهِم للفكر والعبقرية».

علي المقري:

روائي يمني، مواليد 1966، يقيم في فرنسا، أصدر عن دار الساقي العديد من الروايات. تمَّ اختيار روايتيه «طعم أسود.. رائحة سوداء» و»اليهودي الحالي» ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتي 2009 و2011. كما حازت رواية «حرمة» بترجمتها الفرنسية على جائزة التنويه الخاص من جائزة معهد العالم العربي للرواية ومؤسسة جان لوك لاغاردير في باريس 2015، وفي السنة ذاتها اختيرت رواية «بخور عدني» في القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد. تُرجمت أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والكردية.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم