رواية (ديسفيرال) لـ نوزت شمدين قصة مريض تحل فيه أرواح المتبرعين به بالدم صدرت عن داري نشر (سطور وسنا) في العراق، رواية جديدة لـ نوزت شمدين حملت عنوان (ديسفيرال)، جاءت في 256 صفحة من القطع المتوسط. يشعر جابر مع كل مرة يحصل فيها على دماء من مصرف الدم بحلول المتبرع في جسده. فيحصل على ذكرياته ومهاراته الحياتية حتى يصبح ذلك متعته الوحيدة بعد أن منعته عائلته المتشددة دينيا من استخدام التلفاز ووسائل التواصل. وممارسة أي من الفعاليات الرياضية او الاجتماعية خوفا على عظامه الاسفنجية من التكسر بسبب هشاشة عظامه. لكن كل ذلك يتغير عندما يحصل على دماء تبرعت بها (ليان)، بائعة الزهور التي تعيد الى عالمه الضوء. ويجد بظهورها سبباً لبقائه على قيد الحياة، بعد أن تجاوز عمره سقوف توقعات الاطباء والأدعية الموجه الى الله ليطول عمره. فلم يكن يتوقع احد ان يعيش ليتجاوز العشرين من عمره. العنوان (ديسفيرال) هو اسم لدواء يأخذه مريض الثلاسيميا خمس مرات في الاقل اسبوعيا على مدى الحياة لسحب الحديد المتراكم في الجسم جراء اخذ الدم من المتبرعين بنحو دوري.
ثلاثة أصوات تنقل تفاصيل الرواية التي هي الأولى وعلى الإطلاق التي تتناول قضية مرضى (الثلاسيميا) أو (فقر دم البحر الابيض المتوسط). وتفتح ملف إهمال إجراء فحص ما قبل الزواج من قبل المقبلين على الزواج لأسباب مختلفة. وكذلك اهمال المؤسسات الصحية لمعاناتهم والنتيجة مئات الالاف من المرضى في العالم العربي وخارجه. وتعد هذه الرواية الرابعة ضمن منجز الروائي نوزت شمدين إذ صدرت له في سنة 2002 عن دار الشؤون الثقافية في بغداد رواية (نصف قمر). وصدرت طبعتها الثانية عن دار نشر مومنت في لندن سنة 2015. ورواية (سقوط سرداب) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت -2015. وطبعة ثانية عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين في نينوى سنة 2017. والنسخة الكردية عن ذات الرواية صدرت عن دار انديشة في السليمانية –العراق سنة 2017. ورواية (شظايا فيروز) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت سنة 2017. يقول الروائي في تذييله لروايته: تختلط الوقائع مع أخيلة الطفولة حين تصحبني الذاكرة إلى عالمي وأنا بسن الخامسة. سحابةٌ من روائح المطهرات وبول الأطفال وقيئهم تطوف فوق رؤوس عشرات إمتلأت بهم قاعة مركز الثلاسيميا في المستشفى، أكثر مكان موحش زرته وكرهته في حياتي. أطفالٌ رضعٌ وفتية وفتيات من حولي في وجوههم صفرة ليمونية. توقفت حركاتهم عند جلوس أو استلقاء كالمحبوسين داخل صور. بينما تهبط على أذرعهم الممدودة بيأس أنابيب منتفخة بالدماء مثل ثعابين شرهة، تراقبها أعين الآباء والأمهات بحرص وأجسادهم متحفزة على الدوام لإستقبال كارثة ما. أبي يقف إلى جانب سريري الحديدي ويداهُ في جيبي دشداشته البيضاء القصيرة ووجهه الملتحي المليء بالشيب يقابل كيس الدم المعلق. يذكر الله بصوتٍ غير مسموع ورأسه يتحرك للأعلى والأسفل فيبدو كمن يعدُ القطرات المنزلقة بتتابع إلى ذراعي. أسأله وأنا أحاول من الأسفل العثور على عينيه المحجوبتين بغابة لحيته: " أين هو الله ؟ " . يتوقف رأسه عن الحركة. ينحني واضعاً يده اليسرى على طرف السرير ويقرب وجهه الحزين مني فتفوح رائحة السِواك: "إنه أقرب إليك من هذا ". ويشير بإصبعه إلى مرفقي. لا أفهم إن كان يقصد الأنبوب أم الإبرة المدفونة تحت اللاصق. ولا شك بأنها إبتسامتي غير المسيطر عليها التي جعلته يُمسِك بمرفقي الآخر ويقول: "إنه قريبٌ جداً منك، فقط كلمه وسيسمعك ". أنظر إلى السقف وأسال مجدداً: "هل يُحبني الله ". يجيب بترتيل كأنه في صلاة: " يُحبُك أكثر مني ومن أمك ". فأغمِضُ عيني وأسأل الله : " لماذا إذن لا تُشفيني ؟ ".

الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم