تحـتضـــن العــاصمـــة التونسـية مطلع أيار «ملتقى تونس الأول للرواية العربية»، والمقام بالتزامن مع تدشين «بيت الرواية» وذلك ضمن أنشطة «مدينة الثقافة» التي تم افتتاحها أخيراً. ويتبنى ملتقى تونس للرواية الأول/ بيت الرواية، مركزية الرواية بين الأنواع والأجناس الأدبية المختلفة، ينشغل بأسئلة هذا الفن ويعنى بالاشتباك بكل تفاصيله وتجلياته، وقد تجلى ذلك في الصيغة التي طرح بها الملتقى وبيت الرواية أسئلته ومحاوره حول قدرة الرواية على التغيير، وأيضاً الأخطار التي تتهدد هذا الجنس الأدبي: «باتت الرّواية واحدة من أهم التعبيرات الأدبية والفنّية في العالم مما حوّل هذا الجنس المغضوب عليه منذ نشأته الأوروبية، إلى قوة إبداعية استثنائية؛ اكتسبها من قدرته على التجدد في أشكال وأنواع تُكذّب كل مرة المتنبئين بموته مسائلاً السياسي والاجتماعي والفردي، والماضي والحاضر والمستقبل، متقنّعا مرة بالواقعي ومرة بالتجريبي».

غير أن هذه القدرة على التعبير تطرح بدورها أسئلة ملحة أخرى حول حقيقة تحوّل هذه القدرة على القول إلى قدرة على التغيير في مجتمعات لا تقرأ وأخرى تنهشها تيّارات رجعية تحاول شدّها إلى الوراء؟ وإذا كانت الرواية قد نجت مرّات من الموت فإن ذلك لا يعني أنّها لا تواجه أخطاراً دائمة، لذلك سيحاول هذا الملتقى الأول لـ «بيت الرواية» أن يناقش هذه القوة والقدرة التي امتلكتها الرواية من خلال طرح هذه الأسئلة :هل غيرت الرواية العربية المجتمعات العربية وطريقة تفكيرها؟ وهل ساهمت الرواية العربية في تشكيل الوعي العربي؟ لماذا تخشى السلطة الرواية والروائيين ولماذا تصادرها وتمنعها وتنفيهم وتعتقلهم وتكفرهم إذا كانت المجتمعات فعلاً لا تقرأ ولا تتأثر؟ كيف واجهت الرواية العربية اللحظات السياسية العربية الراهنة كالحروب والانتفاضات والهزائم في ظل أنظمة شمولية؟ ما الذي يهدد الرواية العربية اليوم ويجعلها في خطر؟ هل هو انحسار المؤسسة النقدية أم طغيان السلطة أم أن ما يهددها هو الرواية نفسها بظهور رواية مضادة لقيمها؟ للتباحث في كل هذه الأسئلة وتقصي حقيقة تأثير الخطاب الروائي وخطورته يعطي ملتقى تونس للرواية العربية في دورته الأولى الكلمة للروائيين والروائيات».

ووجه منظمو الملتقى الدعوة لكتّاب عرب من عشر دول مختلفة، يأتي على رأسهم ضيف الشرف الروائي الليبي إبراهيم الكوني، المصري إبراهيم عبدالمجيد، الجزائري واسيني الأعرج، العراقية إنعام كجه جي ،التونسي الحبيب السالمي، اليمني علي المقري، والسوداني عبد العزيز بركة ساكن.

وسيفتتح وزير الدولة للشؤون الثقافية السيد محمد زين العابدين فعاليات الملتقى. يقول الروائي التونسي كمال الرياحي المشرف على بيت الرواية: «هذا الملتقى يطرح مسألتين خطيرتين في نظري. قوة الرواية وقدرتها على التغيير في مجتمعات العالم الثالث والثاني: ما الذي يتهدد الرواية؟ وهو سؤال خطير عن جنس أدبي يعيش على رغم قوته هشاشة داخلية. وهذه الأسئلة ستساهم في عملية التثقيف حول هذا الجنس الأدبي. هل ما يهدده فعلاً هو انحسار النقد أو الرقابة أم تاريخه وحركته نفسها؟

الملتقى دعوة للتفكير في شأن الرواية عامة كجنس أدبي وفي شأن الرواية العربية. ونحن نراهن في هذا الملتقى على الأفكار لا على ورقات التحليل. أردنا رؤية للعالم والفن من كتاب الرواية لذلك لم ندع إليه إلا الروائيين».

بيت الرواية الأول عربياً

خطوة جديدة تقطعها الثقافة التونسية في طريق ريادتها، عبر تدشين منارة ثقافية جديدة، هي بيت الرواية. مشروع بيت الرواية في الأساس فكرة تقدم بها الروائي كمال الرياحي إلى وزارة الثقافة التونسية، إلا أنها لم تلق دعم أربعة وزراء متعاقبين، قبل أن ينصفها الوزير محمد زين العابدين، وعن ذلك يقول الرياحي: «أن تطول الفترة أفضل من إعدام الفكرة، وما ضاعت فكرة وراءها صاحب مؤمن بها، فسيأتي من يثمنها وإن وقع تهميش المشروع سابقاً، فقد وجد المشروع آذاناً صاغية اليوم مع د.محمد زين العابدين، الذي آمن به إيماناً شديداً وهو ما جعله يتصدر المشاريع المستحدثة في مدينة الثقافة التي افتتحت منذ شهر.

لقد آمنا بمشروعنا الذي كان مشروعاً خاصاً قبل الثورة التونسية، وأهديته للقطاع العمومي بعد الثورة كحركة مني في واجب المثقف في أن يكف عن المطالبة ويمد يده ليبني ويشيد، من خلال تقديم مشاريع تفيد المشهد الثقافي».

وعن الدور المنتظر لبيت الرواية يوضّح صاحب رواية «المشرط»: «بيت الرواية ليس مختبراً للسرديات، وليس له صبغة جامعية، بل مؤسسة شاملة تشتغل على طوال الأسبوع، وتونس فيها الكثير من مختبرات السرد أيضاً، لكن بيت الرواية ينشط وفق برامج مختلفة: ورشات الكتابة جزء من أنشطته، إلى جانب اللقاءات والمناظرات وتحليل الروايات والمحاضرات والقراءات على الطريقة الإيطالية والسعي إلى التعاون مع قطبي السينما والمسرح لإنتاج أعمال سينمائية ومسرحية من أعمال روائية، إنه عالم الرواية بكل تفاصيله من نوادي القراءة إلى ورشات الكتابة».

عن صحيفة الحياة اللندنية

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم