بيروت/ حاز الباحث العراقي عدي جاسم أحمد على درجة امتياز عن أطروحته للماجستير في اللغة العربية وآدابها تحت عنوان (أنماط الشّخصيّة ودورها في البناء السّردي في روايات محسن الرملي) وذلك تحت اشراف الكاتب اللبناني د. شربل داغر في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة جامعة البلمند في لبنان. وتندرج هذه الاطروحة ضمن الدّراسات الرّوائيّة الحديثة التي تناولتها المؤسسات الأكاديمية وغير الأكاديمية. فعلى صعيد الحضور النّقدي الممارس يأخذ النقد الرّوائيّ النصيب الأوفر في هذا الطرح. وهي تستفيد من عدد واسع من المناهج والدّراسات والتّجارب، لتقف من خلالها عند أعمال الرّوائي العراقي محسن الرّملي، دراسة وتنقيباً في إطار التقصي النقدي الخاص بالشّخصية. ويمكن عدّ هذه دراسة شاملة لموضوع الشّخصية والتّفرعات الخاصة بها، عند الرملي. كما يمكن القول أن تمظهرات الشّخصيات كانت المحفز المهم الذي اعتمده الباحث وفق الدّراسات الأكاديمية. ولكي تكون كذلك _ أي أكاديمية- فكانت مقسمة على (ثلاثة فصول)، يسبقها تمهيد ويلحق بها نتائج، لا تخرج عن الواقع المتجلي لشخصيّات الرملي، وأرفق ذلك بجدول لجميع أسماء الشخصيّات في الرّوايات وعلاقة بعضها مع بعض مع مهنة كل شخصيّة من أجل التعرف عليها ومعرفة أجناسها وهوياتها في سير العمل الرّوائي. جاء الفصل الأول بعنوان (أنماط الشخصيّة) وتم فيه تناول: الشخصيّة المحورية، الشخصيّة الرئيسة، الشخصيّة الثانوية ثم تبعه بإحصائية لجميع الشخصيات في الروايات الثلاث والتي كشفت عن أن الرملي يحرك قرابة الخمسين شخصية في كل واحدة من رواياته بغض النظر عن حجم أي عمل. وفي الفصل الثاني بحث في (أبعاد الشخصيّة) المختلفة ومنها: البعد الخارجي، الاجتماعي، النفسي والفكري، أما الفصل الثالث فقد تناول (الشخصيّة وعلاقتها بعناصر السرد) ومنها: الشخصيّة والمكان، الشخصيّة والزمن، الشخصيّة والحدث، الشخصيّة والحوار ثم أرفق بحثه بإيراد ملف عن سيرة الروائي قيد البحث تحت عنوان: (محسن الرملي: السيرة والمنجز). وقامت الدراسة الموسومة (أنماط الشّخصيّة ودورها في البناء السرديّ في روايات محسن الرّملي / تمر الأصابع – الفتيت المبعثر – حدائق الرئيس)، على مقاربة سرديّة تحليليّة، وأفادت من عدد كبير من الكتب والأبحاث والمقالات. وتوصّلت إلى عدة نتائج، من بينها:  إنَّ معظم روايات محسن الرمليّ تدور أحداثها بين المجتمع العراقيّ والإسبانيّ، لذا نجد أنَّ الرمليّ قد تأثّر بالمناخ الإسبانيّ إبان إقامتهُ في إسبانيا، وصاغ شخصيّاته من طبقات مختلفة.  في الرّوايات ثمّة طابع سير ذاتي يهيمن على إجمالي الرّوايات، وهذا الطابع يفضي بالضرورة إلى طرح عدد كبير من الشّخصيّات، ومنها الشخصيّة المحوريّة، أي شخصيّة الذات الرّاوية / الكاتبة، وشخصيّات سير غيرية وهي شخصيّات واقعية في عموم الروايات.  ثمّة شخصيات ثانويّة ظهرت في عموم الروايات، هي محركة للعمل السرديّ، وقد اشتركت مع الشخصيّات الأخرى وقامت بتسيير الأحداث، مثل شخصية (صراط، الجد، البدوي أبو فهدة الدكتور بهنام..... وغيرها).  ميّز الرملي الشخصيّات المحوريّة عن باقي الشخصيّات الأخرى، ولها حضور واسع ومتشعّب في عموم الروايات الثلاث.  فضلاً عن وجود شخصيّات محوريّة، يوجد أحداث وأماكن وأزمنة هي الأخرى سير ذاتيّة وتأخذ طابعاً، واقعيّاً حقيقياً، مع أن صبغة المتخيّل وقضايا الفن الرّوائيّ لم تكن غائبة.  إنَّ ثّمة علاقة تربط بين مفاهيم الشخصيّة اللّغويّة والاصطلاحيّة وبين آراء النقاد والدراسات الأكاديميّة والمناهج النقديّة حول مفهوم الشخصيّة.  شيوع عدد من الشخصيّات السير ذاتيّة التي حركت السرد نحو وجهة معينة ومحددة وواقعيّة مثل (الأب)، في رواية تمر الأصابع، و(إبراهيم / عبد الله)، في رواية حدائق الرئيس، وكذلك (قاسم / محمود)، في رواية الفتيت المبعثر.  تمثّل شخصيّة (إستبرق / الشيخ عبد الشافي / عالية) في رواية تمر الأصابع و شخصّية (قسمة / احمد)، في رواية حدائق الرئيس، و(احمد / وردة / حسيبة) في رواية الفتيت المبعثر، من الشخصيّات التي أخذت بالنمو مع خط سير الأحداث في عموم الروايات.  إلى جانب هذا نمت شخصيّات أخرى لم يكن لها الأثر الكبير والشديد في عموم الروايات لكنّها حاولت أن تظهر بعض الدلالات التي كانت الذّات الرّاوية تسعى إليها لتجعلها محطة استراحة للقارئ على نحو، (الأم / فاطمة)، في رواية تمر الأصابع، وفي رواية حدائق الرئيس (طارق / الراعي / سهيل / أبو قسمة / ظاهر / المختار)، وفي رواية الفتيت المبعثر( الضابط / سعدي / عجيل).  يحاول الرّاوي / الكاتب، أن يزج بشخصّيته بين الحين والأخر في عموم أجزاء الروايات ويحاول في حين آخر أن يقف عند الماحول العائليّ ويوضّح هموم العائلة وقصة هروبه إلى إسبانيا.  تظهر في الروايات مجموعة أنماط من الشخصيّات، فعلى النحو الذي تظهر به شخصيّات إجرامية ومؤذية تظهر شخصيّات إنسانيّة وواضحة ومحبة للآخرين.  يحاول الرّاوي أن يقف تقريباً عند الملامح الشخصيّة الخارجيّة والداخليّة أحياناً لعدد كبير من الشخصيّات التي تعرض لها وإن كانت ثانوية قليلة الأهميّة، أو أنها مسطّحة ولا تظهر كثيراً أو أنّها لا علاقة لها بسير الأحداث.  أعطى الرّاوي من خلال شخصيّاته الماثلة مجموعة قيم أوضحت المجتمعان العراقيّ والإسباني وحاول من خلالها أن يقف عند الأمور السلبيّة والإيجابيّة في كل من العراق وإسبانيا، بوصفهما الأمكنة الأكثر حضوراً.  ينتسب الرّاوي من الشخصيّات الكليّة العلم، وهي على اطّلاع بقضايا السرد الذاتيّ والسرد الموضوعيّ وهي محرك الشخصيّات.  ظهرت في الروايات مجموعة أبعاد نفسيّة واجتماعيّة وفكريّة وخارجيّة للشخصيّات الماثلة وكان كل ذلك باستشهاد وتحليل عند هذه الظواهر.  أوقفنا الرّاوي عند الحركة الإيقاعيّة وتنقل الشخصيّات حسب سير الأحداث وتفاعلها مع الأحداث بطرق متوازية ومتداخلة في الحدث.  كشفت الدّراسة عن علاقات جوهريّة تربط الشّخصيّات بعناصر السرد الأخرى، وكانت فيها وقفة تحليليّة عن علاقة الشخصيّات بالزمان والمكان والحوار والحدث، والتي كشفت عن ترابطات قوية بينها.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم