الرواية نت - لندن

يعلن الروائي البحريني أحمد المؤذّن أنّ تجربته تحرز تقدماً، وأنّه يكتب لعموم القراء، يستنطق أوجاعهم وهموهم ليكون صوتهم في نهاية المطاف وحتى يستحق ذلك، يقترب منهم.

ويؤكّد مبدع "فزاعة بوجه الريح" في حواره مع الرواية نت أنّ الكاتب المخلص لتجربته حتى وإن لم ينل حقـه من النقـد، فهذا لا يهم، ما دام قادرا على الوصول إلى قرائـه وينال ثقتهم ومتابعتهم الأمينة.. ويشدّد على أنّ على الكاتب الواعي المراهنة على القراء، وأنّه متى ما كسب ثقتهم، لا حاجة له بتزلف بعض النقاد!

  • كيف تقيّم تجربتك مع القراء؟

تجربتي مـع القراء جميلة ومرت بمراحل، أنا بدأت مع الصحافة الورقية قبل عالم "الفيس بوك" في ذلك الوقت لم يكن النشر سهلا في المنابر الإعلامية التقليدية، وهو بالتالي لا يوصل صوت الكاتب المبتدىء بسهولة إلى عموم القراء أو حتى الرهان على قبولهم إياه من بعد قراءته، برغم ذلك كسبت قاعدة قراء كبيرة بشهادة المتابعين لي و ما يُـثار حول أعمالي المنشورة.

  • ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟

"أوليفـر تويست" للكاتب الانجليزي تشارلز ديكينز و"شيفرة دافينشي" لدان براون.. أعمال كثيرة تركت بصماتها في تجربتي وحددت مساري في عالم الكتابة، صرت على أثرها أنحاز إلى رجل الطبقة المطحونة، لذا.. أنا أكتب لرجل الشارع العادي.

  • ما الرواية التي تتمنى لو كنت مؤلفها؟

رواية " العمى " لمبدعها جوزيه ساراماغـو، تمنيت لو كنت من ألفها، رواية فارقة وإبداعية ومخيفة، تصدم القارئ.

  • هل من رواية تندم على كتابتها أو تشعر أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

لم أندم على أي شيء من تجاربي الكتابية السابقة، أتصالح مع نتاجي الأدبي كيفما كان، الكاتب يمر بمراحل عمرية من نضوج التجربة و كل مرحلة لها كبواتها أو نجاحاتها، لا أميل للتبرؤ من أعمالي المنشورة كما يفعل الكتاب.

  • كيف ترى مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

 صحيح أن ثقافة الصورة اليوم تشهد طغيانا لا حد له في عالم متسارع، لكن مستقبل الرواية لا أعتقد بأنه مهدد بهذا المعنى المباشر، كثير من الأعمال الروائية عربيا وعالمياً أرشفت حضورها شاشة السينما والتلفزيون، ذات يوم من تسعينيات القرن الماضي شاهدت مسلسل "رأفت الهجان" فبحثت عن كاتب الرواية صالح مرسي، وهنا نتيجة عكسية، لذا لا خوف على مستقبل الرواية.

  • كيف تنظر إلى واقع النقد في العالم العربي؟

 واقع النقد في العالم العربي، صعب جدا التصدي لواقع تسيطـر عليه العلاقات العامة والذائقة الخاصة في التلقي أو البحث عن المصلحة الذاتية وتخطي الموضوعية لاغتنام الصفقات والمراهنات، المسألة هنا تتعدى التشخيص المرضي الذي تعيشه الساحة الثقافية العربية وصولا إلى أزمـة مستفحلة لا أرى لها علاجاً قريباً. لذا فإن الناقد الموضوعي المنصف والغيور على ساحته الثقافية والمشجع للأقلام الجديدة، أعتقد بأنه عملـة نادرة هذه الأيام.

  • إلى أيّ حدّ تعتبر أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟

حاولت تفادي هذا الهاجس في الماضي ونجحت اليوم.. ليس من باب الغرور بتجربتي، فهي تحرز تقدما جيدا، أتصالح معه لكوني لا أكتب حتى أرضي جنرالات النقد أو أكسب منهم ترشيحاً لجائزة هنا أو مؤتمرا ثقافياً هناك، أكتب لعموم القراء، أستنطق أوجاعهم وهموهم لأكون صوتهم في نهاية المطاف وحتى أستحق ذلك، أقترب منهم. ربما هذا ما جعلني أنفـر من (أسرة الأدباء والكتاب) حيث أكتشف بعد عشرين عاما من عضويتي في هذا الكيان الأدبي، كذب الحالة النخبوية واختلاطها باستدامة الامتيازات الإدارية وهو ما ينعكس على تجيير اسماء بعينها، تنال حظوة النقـد وجوائزه بمقابل تجاهل التجارب الأخرى التي تقع في خانة الربح و الخسارة!

 الكاتب المخلص لتجربته حتى وإن لم ينل حقـه من النقـد، فهذا لا يهم، ما دام قادرا على الوصول إلى قرائـه وينال ثقتهم ومتابعتهم الأمينة، بعيدا عن نفاق أي ناقد يريد استثمار شهرته "مثلا" في رفع رصيد فلان من الناس حتى يكسب بأثر رجعي! الكاتب الواعي عليه المراهنة على القراء، متى ما كسب ثقتهم، لا حاجة له بتزلف بعض النقاد!

  • كيف تجد فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

تسويق الأعمال الروائية تعيس، الكثير من دور النشر العربية الناشطة في سوق الكتاب مجرد دكاكين تسترزق من تعب الكاتب العربي وتمتص دمـه، لا تشاركهُ ولا بواحد من المئة من أرباحها. صحيح أن هذه الدور تسوق و تنقل وتطبع ولكن هل يعقل بأنها لا تربح؟! صارت دور النشر العربية تمارس الكذب على كتابها ولا تلـزم نفسها قانونيا حتى في العقود التي توقعها مع كتابها فكيف نتحدث عن سوق عربية للرواية أو نبشر بها في ظل استمرارية صرامة الرقابة البوليسية العربية على حركة تنقل الكتاب!

  • هل تحدّثنا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

في المحصلة هناك خيوط كثيرة شكلت حريقاً إبداعيا كبيرا قدح أفكار الكتابة عندي، لا شيء محدد يحضرني الآن لكن الرغبة في الكتابة أحياناً لا تأتي كما لو كانت المسألة كبس زر عند المرء حتى يكتب، الكاتب يمر بين وقت وآخر بأيام و شهور من الجفاف لا يستطيع أن يكتب وأحيانا أخرى يكون هناك فيضانات من شهوة الكتابة تسيطر عليه في مجموعة قصصية أو رواية أو مسرحية و هكذا.

  • إلى أيّ حدّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

لها دور كبير و ليس من السهل تجاهله.. الجوائز الأدبية اليوم على كثرتها، بقدر ما خدمت حركة التأليف وأبرزت الكثير من الأقلام العربية وكانت بمثابة جواز المرور لأصوات أدبية جديدة متفاتة في قدراتها وخبراتها أو أعمارها حتى، لكن من باب آخر بالفعل، أسهمت في التعتيم على تجارب أخرى قضت عمرا بأكمله تنحت طريقها فيكون التهميش والبقاء في الظل هو مصيرها، كثيرا ما يرحل عن دنيانا أدباء، لا أحد يكترث بمجهوداتهم في الساحة وهم أحياء، ثم فجأة نكيل لهم المديح و نسبغ عليهم الألقاب وهم أسفل التراب!

  • كيف تجد واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

للأسف دون الطموح، ما هو موجود حاليا من أعمال مترجمة يقع ضمن المؤسسات العربية الرسمية كالمركز القومي للترجمة، في مصر أو إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون و الآداب و مؤسسات أخرى أو منتديات ثقافية، بما فيها مبادرات فردية، وهناك رافعة الجوائز مثل "البوكر العربية وكتارا"، بقية مشهد الترجمة عبارة عن فرص حـظ تأتي أو لا تأتي، لهذا ترجمة الأدب العربي إلى اللغات العالمية لا تشكل جهدا مؤسساتي ممنهج وفاعل.

  • يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعر بهيمنتها على أعمالك؟ وهل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

سلطة الرقابة بوجهها الاجتماعي، الديني، السياسي، أمر واقع لا مفر منه على صعيد الوطن العربي، أحاول من خلال التعاطي مع الكتابة فهم آليات التوازن بالتنازل أحياناً أو التمرد هنا أو هناك، كما ألجـأ إلى عدم ترخيص مؤلفاتي داخليا حتى أقصيها و لو جزئياً عن مقص الرقيب المحلي و كأني بهذا أمارس ألعاباً بهلوانية محاولاً الرقص على حبال الخطر و المغامرة حتى أتنفس حياة الكتابة الحقيقية، كاتب لا يتمرد على الرقيب.. كاتب ميت ! الرسالة الإبداعية للكاتب لا يمكن أن يقف دونها أي نوع من أنواع الحجر، أما نسف السلطات الرقابية في الوطن العربي فهو أمر شبه مستحيل، نحن معشر الكتاب نستطيع فقط  اللعب بين خطوط النيران الثلاثة (الاجتماعي، الديني، السياسي )  نراوغ، نتخندق، نهاجم، نتراجع أو حتى نهرب مضـطرين، كي نواصل لعبة الكتابة بأقل الخسائر، وهناك من يختار المنفى كي يتنفس الحرية .

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم