الرواية نت - لندن

تنوّه الروائية والمترجمة السورية بشرى أبو القاسم أنّ الإجحاف كان نصيب الروايات التي قامت بترجمتها رغم أنها لكبار الكتاب الفرنسيين، وأنّ روايتها ضجيج الأسى قوبلت بالإهمال، لأنّها رواية أنثوية بامتياز ما لا يروق للمجتمع العربي الذكوري بامتياز.

وتشير بشرى ابو قاسم المقيمة في فرنسا، في حوارها مع الرواية نت، إلى أنّ ما يعرض للترجمة هو ما يسمح للنشر في بلداننا لكن لا يثير اهتمام الغرب بل ويفاجئهم المستوى. وتقول إنّ هذا الجانب خطير جداً برأيي، لأنه يعطي عن ثقافتنا العريقة فكرة خاطئة. ليست كتب التاريخ وحسب من تعكس الحضارة العربية بل حاملي هذا التاريخ.

  • كيف تقيّمين تجربتك مع القراء؟

بالحقيقة أنا أعتبر أن تجربتي الروائية ما زالت فقيرة لذا ليس بوسعي أن أقيم علاقتي مع القراء لأن القارئ العربي لا يغامر مع كاتب جديد بل يميل لكتاب معروفين أو أصحاب جوائز.

  • ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟ ما الرواية التي تتمنين لو كنت مؤلفتها؟ هل من رواية تندمين على كتابتها أو تشعرين أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

عديدةٌ هي الأعمال الأدبية التي كان لها عميق الأثر في نفسي وأيادٍ بيضاء في حياتي. فمنذ نعومة أظفاري وما انفك الكتاب أنيس أوقاتي. أخشى أن أذكر كتاباً فأجحف بحق آخر، كل كتابٍ فيه منفعة. ربما بوسعي القول إن رواية كانديد لفولتير هي من أشعلت فتيل عشقي للكتابة. كما أن رائعة باولو كويلهو الخيميائي خمّرت توجّهي للروايات الفلسفية التي تحاكي ألم الإنسان أينما كان وتتيح له رحلة كشف الذات.

  • كيف ترين مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

لا ريب أن الضجيج والسرعة باتا كلمتين تتكرران باستمرار في هذا العصر، ولكنني أؤمن أن عشاق الأدب وأربابه يحيكون هدوءاً يلجؤون إليه مهما جرى، فالأدب كان وسيبقى لسان حال الشعوب كسائر الفنون التي وإن عانت ستبقى. كما لا بد أن ضخ المعلومات الهائل الذي تتيحه شبكات الانترنت غير شكل الأدب والفن بما يستهوي عشاقهم. كما بات كاتب الرواية أمام تحدٍّ كبير لجذب قرائه فليس قلمه وحسب على المحك، بل زد عليه محاكاته للتطور المتسارع لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. فإذا نشر رأي تتناقله الألسنة أسرع من الكتاب لأن الاختصار صار الأساس.

  • كيف تنظرين إلى واقع النقد في العالم العربي؟

ما يؤسفني أن العالم العربي، تحديداً الفكر العربي، ما زال يرزح تحت نيرٍ من الممنوعات والمحظورات الدينية والسياسية من جهة، والعرفية من جهةٍ أخرى، لذا فالقارئ لا يجد ضالته. يمر الكتاب بمراحل عديدة من الرقابة والحذف، بل والإلغاء قبل أن يصل ليد القارئ الذي لم يعد يجد ما يشده، فهو يبحث عمن يشاطره هموم حياته لا على من يزاود عليه ويبيعه شعارات بالية ومشاعر مهترئة ليرضي الرقابة والإعلام المأجور.

خذ مثلاً القرّاء الأوروبيين، ألا يعيشون بنفس عصر البرمجة بل على نطاق أوسع، ولكنهم ما زالوا يقرؤون وبكثرة.. ولأن القارئ مدلل فدور النشر تقدم كافة الأعمال بنفس المستوى من الاهتمام كأي منتج آخر ليصل لكافة شرائح المجتمع، فما لا يعجب النخبة يعجب العامة. لا تتدخل دور النشر برأي القارئ بل تحترمه. القارئ هو الرقابة.

لا لوم على القارئ أنه لا يقرأ بل يجب إعادة النظر بما نقدم و كيف نقدم. الجوائز تعني رضى السلطات لا القراء. تحرير قلم الكاتب ورأي الناقد هما السبيل لشد القارئ.

  • إلى أيّ حدّ تعتبرين أنّك تجربتك أخذت حقها من النقد؟

الإجحاف كان نصيب الروايات التي قمت بترجمتها رغم أنها لكبار الكتاب الفرنسيين والإهمال لروايتي ضجيج الأسى، فهي رواية أنثوية بامتياز ما لا يروق للمجتمع العربي الذكوري بامتياز.

  • كيف تجدين فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

التسويق والنقد والنشر والكتابة تتعلق جميعها بكلمة المحسوبيات والإعلام الموجه. ما ينتشر كالنار بالهشيم هي الكتب التي تندرج تحت لائحة المواضيع المسموحة والبقية هي فقط براهين واهية لإثبات حرية الرأي.

ما دامت السلطات تقرر ما يناسبها ضاربةً عرض الحائط بحاجات القارئ الثقافية وتنوعها لن يكون للرواية أمل بالازدهار.

  • هل تحدّثيننا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

ظلم الحرب في سوريا وظلمات العادات والأعراف وقيود المسموح والممنوع هي من مدت الحبر لقلمي، ولكنها هي أيضاً كانت ممحاته. عسى أن روايتي القادمة تعبر عن لجة الظلمات داخلي.

  • إلى أيّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

الجوائز هي منبر الإعلام الموجه وهي الجزرة التي يستقطبون بها الأقلام. لا تعتمد الجوائز على رأي القراء و إقبالهم على الكتاب دون مراعاة متتالية القيود الموروثة.

  • كيف تجد واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

يا لحزني من ترجمة الأدب العربي للغات الأجنبية. إن ظلم الكاتب العربي يمتد للترجمة أيضاً.

 أثرت مراراً هذا الحديث مع دور نشرٍ فرنسية والرد أن صعوبة الوصول لكتاب يعبر عن الواقع هو المشكلة، فهم لا ينتظرون من الكاتب أن يكرر كلام الإعلام الموجه بل يرغبون بقراءة الحقيقة. ما يعرض للترجمة هو ما يسمح للنشر في بلداننا لكن لا يثير اهتمامهم بالغرب بل ويفاجئهم المستوى. هذا الجانب خطير جداً برأيي، لأنه يعطي عن ثقافتنا العريقة فكرة خاطئة. ليست كتب التاريخ وحسب من تعكس الحضارة العربية بل حاملي هذا التاريخ.

  • يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعرين بهيمنتها على أعمالك؟ أو هل تحد من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

أنا كسائر الكتاب تخنقني السلطات بكل أنواعها، ناهيك عن الهيمنة الذكورية في التقييم. وما دام الفن بشكل عام والأدب بشكل خاص يرزحان تحت هذا الكم من القيود والتقييمات الموجهة لن نحصل على أدب حقيقي وبالتالي لن يكون هناك قارئ حقيقي.

  • ما هي رسالتك لقرّائك؟

لا رسالة لي للقراء فأنا مثلهم أبحث عن عملٍ يعبر عني وإنما رسالتي للمسؤولين: دعوا الدين لبيوت الله والسياسة لأصحابها والثقافة لأهلها.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم