الرواية نت - لندن

يذكر الروائي العراقي رياض القاضي أنّ أغلب التسويق يعتمد على الروايات الفائزة حيث تتلقى الرواية، وإن كانت سيئة، رواجاً واسعاً، وهذا بحدّ ذاته مصيبة في العالم العربي، وإحدى أسباب نبذ الرواية وعدم قراءتها من قِبل القارئ الغربي.

ويذكر صاحب "أحدب بغداد" في حواره مع الرواية نت أنّنا نريد أن تنتشر الرواية الجيدة عالمياً لآنها مرآة ثقافتنا أمام الغرب، وما يتم الآن من تسويق لهذه الروايات فمضمونها غير مؤهل على الإطلاق لقراءتها وانتشارها.

- كيف تقيّم تجربتك مع القراء؟

القراءة ممتعة للغاية فهي تغذية للعقل، وفي نفس الوقت تُعلّمنا كيف نتحكم بتصرفاتنا اليومية داخل المجتمع، علّمتني القراءة كيف أعشق الحياة وأراها من منظور مختلف، علّمتني كيف أتحكم في تصرفاتي وأن أكون اكثر حكمة في فنّ التعامل والتجاهل اللذين هما أهم عنصرين في الحياة. لم أستطع أن أفارق القراءة منذ أن كنت في سنّ الروضة وحتى الآن وأنا اخوض تجربة ما بعد الأربعين، ولولا القراءة لكنتُ الآن إنساناً يتخبط في دوامة الحياة ورجل بدون إرادة، علّمتني القراءة كيف أحترم حقوق الآخرين وأن أعطي لكل فرد حقهُ من الاحترام.

- ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟ ما الرواية التي تتمنى لو كنت مؤلفها؟ هل من رواية تندم على كتابتها أو تشعر أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

في عدّة لقاءات تلفزيونية أو إذاعية وحتى الصحفية كنتُ عندما أسأل هذا السؤال أجيب أنّ من أهم الروايات والروائيين الذين تأثرتُ بهم هو الأديب "نجيب محفوظ"، كان سبباً أن أتعلم منه وأخوض تجربة الرواية وأكتبها بلهفة المجنون، لكي أكون بارعاً في فنّ التأليف وتسيير الشخصيات بشكل مدروس وأخرج في النهاية بكتاب يشدّ القارئ من أول الغلاف إلى آخره، وأكون قد جمعت في الرواية الحبّ والحرب والسياسة..

ندمت على كتاب "المصير" – مذكرات مواطن عراقي -، لا بسبب تأليفه بل لأنني لم أعطِ الكتاب حقّه في سرد كل ما مررت به من تجارب الحياة، بدايةً من هروبي من العراق عام 1999 ورفضي أن أكون ضابطاً في جهاز الأمن العراقي بسبب الحرية. أحسست بتقصير لأنني تسرّعت في نشره ولم أسرد فيها كلّ الأحداث، والكتاب الثاني هو – أحدب بغداد – والتي قدمتها عام 2015 إلى دار النشر، ندمت خلالها لأنني لم اضع لها النهاية لكلّ الشخصيات.

- كيف ترى مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

تصوري للرواية بأنها تلفظ أنفاساً ضعيفة بل ويتم طعنها من قبل من يُسمّون أنفسهم بروائيين ويكتبون كتابات وقصصاً سخيفة والمصيبة الأعظم أنها تترشح في قائمة الروايات العالمية، وهي لا تستحق أن تُقراْ أصلاً، وفيها كتابات وجُمل ركيكة يُفسرها كاتبها بأنها من مُكمّلات الكتابة أو الكتاب، الرواية لا يُمكن أن تلفظ انفاسها الأخيرة.. تمرّ بمراحل الانكسار والضُعف لكنها تستعيد قوتها أكثر من قبل، الرواية العربية وإن قلّ قراؤها ستعود إلى مجدها ولكن بالتدريج، الصبر والمثابرة على كتابة كل ماهو مفيد هو المطلوب لإنقاذ ما تبقى ونُعيد أمجاد الرواية الى سابق عهدها.

- إلى أيّ حدّ تعتبر أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟

النقد؟ تقصد النقد الهدّام الذي طغى الآن، والنقد التجاري الذي تفشّى، ممتع جدّاً أن أجيب على هذا السؤال، عندما كنتُ في مصر لكي أحضر معرض الكتاب الدولي وتسجيل بعض اللقاءات التلفزيونية، دعاني مدير صحيفة الأهرام وقتها لكي أحضر ندوة لكتاب نشرته إحدى النساء من الخليج، ولمّا وصلت الندوة وجدت صحفيين شباباً وناقداً مصرياً جلس بجانب الكاتبة، وهو يحاول أن يزخرف ويُنمق للرواية، حتى أنني ظننت بأن الرواية لربما تنافس روايات عالمية معروفة من شدّة المدح بأسلوب الكاتبة، وعندما شدّني كلامه حول الكتاب تلقفت وأنا جالس إحدى النسخ لأتصفح الرواية، صدّقني وجدتُ أن الثرثرات التي يطلقها الجالسون في المقاهي أنفع من كتابها، والشباب تحمسوا لمناقشة الرواية لأن كاتبتها خليجية وجميلة فقط و.. وغنية.. قليلون من النقاد اليوم هم شُرفاء ويهمهم تطوير الكاتب بنقده ويُعيد للرواية تأريخها، النقد اليوم عندنا يا سيدي العزيز هو مسمار في نعش الرواية، ولو يتم استعمال النقد الجيّد والرقابة الأدبية الممتازة في يومنا هذا ما وجدت من يكتب الا بعدد اصابع اليد..

أنا لا أستمع إلى النقد بسبب لأنّ أغلبه غير صادق، ولكن أستمع لنصائح قسم قليل من النقاد المقربين مني، وفي نفس الوقت أعلم أنّهم صادقون مع الجميع وآخذ رأيهم على محمل الجد لأستفيد من أخطائي وأطوّر نفسي إلى الأحسن.. المهم أن تستمع للشخص الصحيح.

- كيف تجد فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

تسويق الأعمال الروائية ضعيف للغاية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، ولكن أغلب التسويق يعتمد على الروايات الفائزة حيث تتلقى الرواية، وإن كانت سيئة، رواجاً واسعاً، وهذا بحدّ ذاته مصيبة في العالم العربي، وإحدى أسباب نبذ الرواية وعدم قراءتها من قِبل القارئ الغربي. فنحنُ نريد أن تنتشر الرواية الجيدة عالمياً لآنها مرآة ثقافتنا أمام الغرب، وما يتم الآن من تسويق لهذه الروايات فمضمونها غير مؤهل على الإطلاق لقراءتها وانتشارها.

رواية "أحدب بغداد" انتقدتها إحدى الصحفيات في صحيفة عربية مع العلم أن عملها صحفية وليست ناقدة.. نقدت الرواية لأنها لم تقتنع بأن إيران سبب المشاكل ونشرت أشياء لم تكن صحيحة وتدخلت في أمور لا تعرفها. اما في مصر فحققت رواية مولانا السيد مبيعاً جيداً مما فتح لي الباب الواسع في استضافات في قنوات فضائية وإذاعية ولكن الرواية تم سحبها من معرض بغداد الدولي لأنها كما نسبوها لي "أحرض على الطائفية".

- إلى أيّ حدّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

سبق وأن ذكرت في السؤال السابق ان الجوائز متحيزة لكاتب معين ليكون جندياً مطيعاً للمؤسسة التي رشحت روايته للفوز لا أكثر، إذا كان الإعلام العربي قد تم السيطرة لأغراض سياسية فما بال الرواية..!

- كيف تجد واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

عمل فوق الرائع ولكن أرجع وأقول إذا كانت الأعمال جيدة ومستواها مقبول للقراءة لا للروايات الهابطة..

- يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعر بهيمنتها على أعمالك؟ وهل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

السلطات الرقايبة باتت حِكراً للسياسة، فالسياسيون بدؤوا بالتدخل في شؤون الفن والرياضة، وهم الآن يحاولون تجنيد كُتّاب لهم لخدمة شعاراتهم الخاصة، وأي مبدع لا صوت له إلّا في حالة واحدة هي أن يبيع ضميره ونفسه، حينها يكون قد نفد بجلده من تهم ستُنسب إليه فيما بعد.

- ما هي رسالتك لقرّائك؟

نصيحتي للقراء هي: اختاروا الكتاب الصحيح لتحصلوا على المعلومة الصحيحة، وتُغذّوا عقولكم بالحكمة الصحيحة..

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم