الرواية نت - لندن

تعلن الروائية الفلسطينية صونيا خضر أن فكرة تأليف رواية تراودها كلما انتهت من قراءة رواية، وحاولت محاولات لم تكتمل، وتعتبر نفسها قارئة جيدة لا تتوانى عن التجريب.

تشير صونيا خضر في حوارها مع الرواية نت أن واقع الترجمة في العالم العربي انتقائي وعلاقاتيّ وماديّ، وأنّ الكتّاب يعتمدون على علاقاتهم الشخصية للوصول إلى المترجمين ومنهم إلى دور النشر.

تبوح مبدعة "كلب الحراسة الحزين" للرواية نت بجانب من آرائها في قضايا أدبية وحياتية متعددة..

  • كيف تقيّمين تجربتك مع القراء؟

أعتبر نفسي قارئة جيدة، ورغم أنني أنتقي لا أتوانى عن التجريب، ثمة كتّاب جديرون بالقراءة رغم عدم نجوميتهم، لذلك أحاول أن أتفادى هيمنة التسويق على ذائقتي، أتبع حدسي ومزاجي في القراءة، وأرى فيها محفزا ومنشطاً جيداً للكتابة، القراءة هي الحصى التي تلقى في بحيرة اللغة الساكنة وتبعث فيها الموج والحياة.

  • ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟ ما الرواية التي تتمنين لو كنت مؤلفها؟ هل من رواية تندمين على كتابتها أو تشعر أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

ما أن أقرأ عملاً أدبياً لكاتب ما، الى أن أبداً بتعقّب أعماله، ومحاولة قراءتها جميعها، على هذا النحو أستطيع أن أقول أنني قرأت غالبية أعمال أدباء عالميين، مثل الياباني هاروكي موراكامي، الفرنسي غيوم ميسو، التركية أليف شفق، والتشيكي ميلان كونديرا، والبرتغالي خوسيه ساراماغو وماركيز والليندي وغيرهم من رواد الأدب العالمي، الذين أثروا في تجربتي بطبيعة الحال، ولا أستثني منهم بعض الروائيين العرب مثل عبده الحال وواسيني الأعرج وهدى بركات ومحمد شكري وكثر لن تسعفني هذه المساحة لذكرهم، لكنني وبعد الانتهاء من نشر روايتي الأولى "باب الأبد". قرأت للروائية الفرنسية سوزانا تامارو رواية بعنوان "اذهب حيث يقودك قلبك"، ورواية بعنوان "إني أتعافى" للفرنسي ديفيد فونكينوس، هاتان الروايتان ولو قرأتهما قبل عام 2016 وقت إصدار روايتي الأولى لقلت أنني تأثرت بأسلوب الراويين اللذين منحاني الثقة بشرعية التجريب وتعدد أساليب السرد، وتمنيت لو كنت مؤلفة رواية "إني أتعافى" لشدة إعجابي بها من جهة ولتشابه هواجسي بقدر كبير مع هواجس الكاتب.

لم أندم على نشر أي من الروايتين وأحاول أن أتعلم من أخطائي وتجربتي.

  • كيف ترين مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

الوقت الذي أصبح فيه اقتناء الروايات ورقياً وإلكترونياً، سهلاً هو ذات الوقت الذي خفت فيه بريق الرواية بشكل عام، وظلم كتاباً، هذا الوقت جعل القارئ مستهلكاً ومسرفاً، لا يمنح الرواية حقها من الوقت والتقييم، لذلك أرى أن التسارع الذي يمضي نحو ثقافة الصورة التي ليست بحاجة إلى كبت العقل وتشغيل الذاكرة، يمضي بالرواية نحو الانفجار السريع والخفوت السريع، لن تعلق الروايات كثيراً بالذاكرة ولن تخلد أسماء رواة كما حدث في القرن الماضي، وكل ما سيتبقى من الكاتب والرواية سيكون رهناً لصدفة إلكترونية قد تومض عفواً على محرك غوغل.

  • كيف تنظرين إلى واقع النقد في العالم العربي؟

بكل أسف أصبح النقد في العالم العربي مأجوراً حاله حال النشر والتسويق، حتى النقاد المحترفون أصبحوا يقومون به وفق محسوبيات وحسابات وأسماء دارجة يواصلون تلميعها، لكثرة الأعمال المطروحة في السوق ربما أو للافتقار الى القراء المهتمين بهذا النوع الأدبي، يفتقر النقد بالعالم العربي للمختصين بهذا المجال، وإن وحد هؤلاء المختصون فهم يكررون دراسات نقدية لذات الأسماء التي تجرّ أسماؤهم الى الشهرة.

  • إلى أيّ حدّ تعتبرين أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟

بداية الأمر وكاسم جديد على عالم الرواية، شعرت ببعض الإحباط، لكن الأمر احتاج مني للصبر، فبعد أكثر من سنتين على إصدار عملي الأول، بدأ يأخذ هذا العمل حقه من خلال أكثر من دراسة نقدية له من قبل أساتذة مختصين بالنقد، ونشرت تلك الدراسات في مواقع هامة مثل الحوار المتمدن وغيرها، عدا عن إشارات نقدية محفزة من قراء متمرسين وكتّاب حائزين على جوائز أدبية، فتحوا حولها أبواب التحليل والنقاش، وهذا ما فتح الباب امام عملي الروائي الثاني الصادر منذ أقل من عام، وجعل الإقبال عليه أكثر، وكتبت فيه عدة قراءات نقدية ودراسات لمختصين أعتز بشهادتهم.

  • كيف تجدين فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

فيما مضى كان تسويق العمل الروائي يعتمد بالدرجة الأولى على دار النشر، التي اقتصرت مهمتها الآن على الطباعة والبيع في معارض الكتب، وفي هذا المقام أصبح لزوماً على الكاتب السعي لتسويق عمله عن طريق توزيع النسخ على الصحفيين والكتّاب والنقاد، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يعيق تبلور سوق عربية حقيقية للرواية، لكي يتبلور سوق للرواية العربية، ينبغي أولاً تحقيق شروط هذه السوق، ومنها، الصحافة الثقافية الموثوقة التي يقوم عليها صحفيون متخصصون بالشأن الثقافي، ودور نشر غير تجارية، تراعي جودة الأعمال التي تصدرها، ونقاد محترفون يقيمون العمل حسب جودته لا حسب ما سيعود عليهم به من قراءات.

  • هل تحدّثيننا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

كانت فكرة تأليف رواية تراودني كلما انتهيت من قراءة رواية، وحاولت محاولات لم تكتمل، اعتقدت وقتها أن ليس لي نفس روائي طويل، فتوقفت عن المحاولة، ليأتي عملي الأول ارتجالياً ودون تأثر بأي من الروايات التي قرأت، ودون نية لكتابة رواية اصلاً، وجدت نفسي أكتب رسائل بين شخصية افتراضية وأخرى متخيلة وأحتفظ بهذه الرسائل في ملف، ولكي تكتمل الرواية كان على الصدفة المتخيلة أن تتحقق وألتقي بواحدة من شخصياتها وهذا ما حدث، ودفعني لمواصلة العمل وإنجازه.

  • إلى أيّ حدّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

بمجرد أن ينال العمل الأدبي جائزة أدبية، تزداد مبيعاته وهذا شيء منطقي، لقد قرأت غالبية الأعمال التي حازت على جوائز أدبية ووجدت منها ما يستحق، كرواية هدى بركات "بريد الليل" التي حازت على جائزة البوكر، العام الماضي، مثلاً والتي فاجأت الوسط الأدبي بهذا الفوز لخروجها عن السياق التقليدي لروايات الجوائز، وبالمقابل أجد أن الجوائز الأدبية غير منصفة تماماً بحق بعض الأعمال التي تترك أثراً كبيراً في ذات القارئ ويتم إهمالها، الجوائز الأدبية هي سيف ذو حدين إن أخذنا بعين الاعتبار أن تلك الجوائز تعتمد في المقام الأول على لجان قراءة ليس بين أعضائها قرّاء عاديون، وحدهم من ينصفون الروايات ويقرؤونها بشغف ولأجل القراءة.

  • كيف تجدين واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

انتقائي وعلاقاتي وماديّ، مؤسسات الترجمة تنتقي من سيعود عليها بالمبيعات من الأسماء المكرسة، والكتّاب يعتمدون على علاقاتهم الشخصية للوصول إلى المترجمين ومنهم إلى دور النشر.

  • يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعرين بهيمنتها على أعمالك؟ أو هل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

الرقابة الذاتية هي ما تهيمن على أعمالي، لا أتردد بطرق أي موضوع طالما شعرت بالرضا عن الكتابة عنه، فقدت فرصة ترشيح روايتي الأولى لأي جائزة، لمجرد مقطع صغير يتحدث عن النظام الملكي في أحد الدول العربية، لا أتردد بطرح أي موضوع اجتماعي سياسي أو ديني طالما أنا مقتنعة بما أريد أن أقول.

  • ما هي رسالتك لقرّائك؟

لا تؤجّروا ذائقتكم لسماسرة الثقافة والبائعين المتجولين، لا تتردّدوا بقراءة الجديد والحكم عليه تبعاً لتأثيره عليكم لا لما قيل لكم عنه، فضاء الرواية لا حدود له، أخرجوا من عوالمكم نحو العالم كله من خلال هذا الفضاء.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم