الرواية نت - لندن

تعلن الروائية اللبنانية زهراء عبدالله أنّها مع التحديث والتجريب الروائي بكل أشكاله ومقاييسه، وتشير إلى أنّها تنطلق في كتابتها من العجز الذي يشكّل شرارة تحدّ ويدفعها للمواجهة بطريقتها الخاصّة.

في حوارها مع الرواية نت تؤكّد صاحبة "على مائدة داعش" أنّ ما تحمله ترجمة الأدب العربي الى العالم هي تغيير الأفكار النمطية حول العرب وثقافتهم، وتشدّد على أنّ هذا يتطلب عملا وجهدا ودعما من دور النشر ومن جهات ثقافية عديدة أولها وزارات الثقافة في الدول العربية.

تبوح زهراء عبدالله في حوارها بعدد من القضايا التي تشغلها وتدفعها نحو خوض غمار الكتابة والإبداع..

- كيف تقيّمين تجربتك مع القراء؟

الكاتب هو القارئ الأول لعمله، لذلك بينما أكتب أُحيّد القارئ جانبا، أركّز على الفكرة دون التطرق الى ردة الفعل التي ستتلقاها حين تُقرأ.
لكن حين يفرّ النص من يدي، يُصبح القارئ حاضرا قويا، وكلما كان ذكيا واعيا تفتح النص أكثر.
فالقارئ هو الحلقة الأخيرة التي بها تكتمل الدائرة المكونة من: كاتب/ نص/ قارئ. كما يقول بول أوستر "إن القارئ هو الذي يخلقُ الكتاب في آخر المطاف".
ما زالت علاقتي بالقراء في بداياتها، لكن روايتي الأولى "على مائدة داعش" لاقت ترحيبا وقبولا من قراء متنوعين، ما أشعرني بالراحة أنني تمكنت، إلى حد معقول، من إصابة شرائح مختلفة من القراء.

–     ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟

لكل عمل روائي تأثيره الخاص وإيقاعه الذي يتكرر في كل فترة عمرية بشكل مختلف ومعمق أكثر، من كافكا إلى تشيخوف، دوستوفسكي، ماركيز، وما بينهم من أسماء لا تنتهي.  لكن تبقى أعمال عبدالرحمن منيف هي الأقرب الى قلبي.

- ما الرواية التي تتمنين لو كنت مؤلفتها؟

لا توجد رواية بالمجمل تمنيت أن أكون مؤلفتها. لكن توجد أفكار تذهلني.

- هل من رواية تندمين على كتابتها أو تشعرين أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

كتبت روايتين، الأولى "على مائدة داعش"، والثانية "من التراب الى الماء" بصدد النشر الآن. في التجربتين لم أندم، لكن ينتابني الشعور الدائم بأن أضيف فكرة ما أو أحذف أخرى. وذلك يدل على أن العمل لا ينتهي بمجرد أن يُنشر، إنه يبقى يتجدد في نفس الكاتب دائما.

- كيف ترين مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

 
أي إننا أمام اختيار إما الكلمة أو الصورة! هذه المعادلة أجدها غير منصفة للاثنتين معا.
اخترع الانسان الكلمة، ورسمها على الجدران، أو قد يكون رسمها كصورة أولا ثم نطقها..
حضارة الكلمة وحضارة الصورة تكملان بعضهما البعض، تندمجان بشكل هجين، ولا يمكن للناظر إليهما أن يفرق أيتهما المهيمنة أكثر.
لكن فيما يخص الرواية تحديدا فإنني مع التحديث والتجريب الروائي بكل أشكاله ومقاييسه، وبالتالي ستأخذ الرواية، كالماء، شكلا متناسقا في ظل هذه التطورات وستحافظ على كينونتها حتى لو تغير الهيكل.


   –كيف تنظرين إلى واقع النقد في العالم العربي؟

في حين يجب أن يكون النقد مرآة صافية للأدب، تعكس جمالياته وتشوهاته بأمانة، يتحول النقد الى كائن مراقبة أثناء مرحلة الكتابة، ثم في المرحلة اللاحقة، يقيس الناقد وفق ما ينطبق مع ذوقه وفطرته وأفكاره الذاتية ليصدر حكمه على العمل، دون الرجوع الى الاصول والقواعد النقدية.
يعاني الأدب في العالم العربي لافتقاره لعدة عوامل أبرزها الصدق في النقد.
لكن هذه القاعدة العامة تخترقها دراسات وتوصيفات جيدة للأعمال الأدبية من قبل  نقاد عديدين.

 
  – إلى أيّ حدّ تعتبرين أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟
 
 
بالنسبة لتجربتي الخاصة مع كل ما كُتب وقيل عن روايتي الأولى كان مُنصفا وجيدا جدا إلى حد كبير.
 كُتبت العديد من المقالات، والدراسات النقدية من قبل أكاديميين ومختصين باللغة وآدابها.
 كما أُدرجت الرواية  في العديد من الرسائل لطلاب الدراسات العليا في الأدب العربي في عدة جامعات من العالم العربي..


 – كيف تجدين فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

لا يوجد تسويق مبرمج ومنظم في ما يخص الرواية العربية، حتى من قبل دور النشر.
التسويق يعتمد بشكل أساسي وشبه كلي على الكاتب نفسه.
اليوم أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي هي المنبر الذي من خلاله يتوجه الكاتب الى قرائه ويعلن عن أعماله ويسوق لها.
الأمر الإيجابي للتسويق في الفضاء الافتراضي أنه متاح للجميع.


–  هل تحدّثيننا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

العجز هو الشرارة لأكتب!
كنت أشاهد الاخبار، نساء إيزيديات اختطفن واغتصبن من قبل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في سنجار العراق. كنت أشاهد الأخبار... وقررت أن أكتب.
جاء في مقدمة كتابي:
" إلى النساء المختطفات لدى داعش:
لأّنّي عاجزة عن فعل أي شيء لكن، كتبتُ هذه الرواية"..
وفي الرواية الثانية التي تناولت موضوعين: زواج القاصرات في المخيمات السورية خلال الحرب، والهجرة غير الشرعية في البحر، أيضا العجز هو ما دفعني لأكتب..

–     إلى أيّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

تهب الجوائز للعمل الروائي - إن كان سيئاً أو جيداً - قيمة عالية، وهذه حقيقة لا مفر منها. كما أنها تؤثر على شريحة كبيرة من القراء الذين ينهالون لشراء رواية نالت على جائزة ما أو يكفي أنها ترشحت.
تشبه الجائزة الدرج الكهربائي بتوفيره للوقت والجهد اللازمين للصعود والوصول لأعلى. لكن الزمن هو الكفيل ببقاء الأصلح والأقوى من الأعمال الروائية.
لأكن صريحة توقفت منذ مدة طويلة عن قراءة أية رواية تنال جائزة.. لأنني كنت أجدها غالبا لا تستحق.
أجدني دائما أذهب بالاتجاه الآخر، أبحث عن تلك الروايات التي لم يُسلط الضوء عليها، المُختبئة، الوحيدة دون تصفيق حولها، لأجدها رائعة..

-  كيف تجدين واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

واجه الأدب العربي صعوبة العبور إلى الضفة الأخرى من العالم، باستثناء البعض منهم.
لكن منذ سنوات قليلة نشطت حركة الترجمة وذلك يعود الى ما حدث في المنطقة العربية من حروب وتغيرات جذرية أنتجت أعمالا جديدة حرّكت بدورها  حماس دور النشر الأجنبية.
 لكن بقي كتاب كثر ممن لم ينالوا شهرة واسعة في بلادهم أو لم يحصلوا على جائزة ما من أن يجذبوا اهتمام  هذه الدور.
إن ما تحمله ترجمة الأدب العربي الى العالم هي تغيير الأفكار النمطية حول العرب وثقافتهم، وهذا يتطلب عملا وجهدا ودعما من دور النشر ومن جهات ثقافية عديدة أولها وزارات الثقافة في الدول العربية.

- يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعرين بهيمنتها على أعمالك؟ وهل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

مع نسف جميع أنواع السلطات الرقابية.
في يومنا هذا تضاءل دور السلطات الرقابية إلى حد ما، في ظل وجود هذه المساحة الكبيرة من التواصل، فالكل أصبح بمقدوره أن يُعبر، وأن يكتب.
لكن يبقى الرقيب الأخطر هو الرقيب الذاتي، حين يُزرع بعقل الكاتب، ويبقى ويتمدد فيحدّ من طلاقة أفكاره، ويقيد حريتها.
عندما كتبت روايتي "على مائدة داعش"، كنت أبثّ الروح بكل أنواع السلطات الرقابية، لما يحمله هذا الموضوع من ممنوعات دينية أولا، وسياسية وجنسية. إنه يجمع كل التابوهات.
كتبت ولم أعر أي اهتمام إلا لما تطلبه النص. لكن بنهاية الأمر مُنعت روايتي بالدخول الى أكثر من دولة عربية.

 – ما هي رسالتك لقرّائك؟

في كل كتاب سيّئ شيء ما جيد، وفي كل كتاب جيد شيء ما سيّئ...
لا يوجد عمل كامل بالمطلق..



0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم