صدرت مؤخرا عن سلسلة إبداعات عالمية التي يشرف عليها المجلس الوطني للثقافة والفنون في دولة الكويت، رواية “كي يواجهوا الشمس المشرقة” وهي رواية من تأليف الكاتب الإيرلندي جون ماكفرين (1934-2006) ترجمها إلى العربية الدكتور علي محمد سليمان، وهي الرواية الأولى للكاتب التي تترجم إلى اللغة العربية، رغم ما يتمتع به من شهرة واسعة في الأوساط الأدبية في إنكلترا وأوروبا، إلى درجة اعتبر من أهم الروائيين الإيرلنديين وكان قد لقب بتشيخوف إيرلندا نظرا إلى اهتمامه الشديد بتقديم الشخصية الإيرلندية بكافة تفاصيل حياتها اليومية.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

رواية “كي يواجهوا الشمس المشرقة” التي صدرت في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، سبق وأن نشرت في العام 2002 بعنوان “بجانب البحيرة” وهي رواية تدور حول زوجين يقرران العودة إلى الريف هربا من صخب المدينة، ليستقرا في مزرعة في مكان ناء، لا صخب فيه، كل ما يملؤه اليوم هو تفاصيل حياتهما البسيطة، دون أن يشير الكاتب إلى زمان معين، وترتبط شخوص الرواية فقط بالمكان الذي يعيشون فيه، وكأنهم منفصلون تماما عن العالم الخارجي أو ما يحيط بذلك الريف.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

نشأ الكاتب جون ماكفرين في الريف الإيرلندي وعاش فيه حتى بلغ سن العاشرة، ثم اضطر إلى الانتقال برفقة إخوته للعيش مع والده داخل ثكنة عسكرية، وذلك بعد أن فارقت والدته الحياة، نشأته الريفية كانت السبب الرئيسي في التفاته بكل هذه الدقة إلى ذلك المكان/ الريف في جل أعماله، ليس فقط لما يتمتع به الريف من سحر وجمال، ولكن لكونه أيضا مكانا ذا بيئة اجتماعية تحكمها منظومة الفقر والتخلف والاضطهاد السياسي والاجتماعي، كما هو حال الأرياف في أي مكان من العالم وليس فقط في إيرلندا.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

أثرت حياة الريف على شخصية الكاتب بشكل كبير، وخاصة على حساسيته الأدبية ورؤيته الجمالية، إلى درجة أن بعض النقاد اعتبروا روايته “كي يواجهوا الشمس المشرقة” رغبة من رغبات المخرج في العودة إلى الريف بصحبة زوجته.

فقدان جون ماكفرين المبكر لوالدته وللمكان الذي نشأ وتربى فيه، كان له الأثر الكبير على جل أعماله لاحقا، والتي بدت وكأنها سيرة ذاتيه خالصة عن حياته وطفولته ومعاناته النفسية، فمنذ روايته “الثكنة”، التي ترمز إلى الثكنة العسكرية التي انتقل إليها، ومن بعدها رواية “الظلام”، تحضر بصورة خاصة طفولته ووالدته التي توفيت بسبب مرض عضال أصابها، والريف الذي نشأ فيه.

لكن روايته “بين النساء” التي نشرها في العام 1990 شكلت نقلة نوعية في حياته كأديب، خاصة بعد أن وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر، لأنها حققت له النجاح الكبير سواء على صعيد الإعلام أو على صعيد المبيعات، واعتبر الكثير من النقاد أنها من أكثر الروايات رواجا وتعبيرا عن المجتمع الإيرلندي في النصف الثاني من القرن العشرين.

في النسخة العريبة التي بين يدينا، حاول مترجم الرواية التي تجاوزت صفحاتها الـ350 صفحة، والتي لا تخلو من صعوبة في قراءتها نظرا إلى خصوصيتها وتعمقها في الثقافة والشخصية الإيرلندية، أن يكون وفيا للنص الذي كان أشبه إلى الجنس المسرحي منه إلى الروائي كعمل أدبي، ولكنه في ذات الوقت استطاع أن يعيد كتابته بلغة عربية سلسة ومبسطة جاعلا النص مناسبا ومتناسبا إلى حد ما مع القارئ العربي الذي توقف جيل كامل منه، عند أعمال شكسبير بالنسبة للأدب الإنكليزي.

لفتت الرواية المترجم فاختارها ليس فقط لأن جون ماكفرين يعتبر اليوم أحد أهم الروائيين الايرلنديين بل لقدرة الكاتب عبر مسيرته الأدبية على أن يغوص في الشخصية الإيرلندية ثقافيا وإنسانيا، وأن يحرر أسئلة الحياة من سجون التاريخ والجغرافيا والسياسة والعنف وإطلاقها في فضاء التساؤلات الكبرى، في محاولة بحث الإنسان الأزلي عن عالم يشبه أحلامه.

والدكتور علي محمد سليمان السوري الجنسية، يعتبر أيضا ظاهرة يجدر الوقوف عندها، فهو أكاديمي ومترجم من مواليد دمشق 1970، كان قد تعرض في العام 1997 لحادث إرهابي في دمشق فقد على أثره عينيه، لكن إرادته القوية واندفاعه نحو العلم جعلاه يلتحق بجامعة أكسفورد البريطانية ويحصل منها على شهادة الدكتوراه في الدراسات المسرحية. صدر له كتاب نقدي بعنوان “ظل الوردة” عن دار آفاق دمشق 1998، كما صدر له كتاب بعنوان “الوردة الزرقاء” وهي رواية للكاتبة البريطانية بينلوبي فينزجرالد، وغيرها من الترجمات. عن صحيفة العرب اللندنية

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم