في قالب سردي رفيع توغلت بنا الراوية في عالمها،علاقاتها،جيرتها ، طفولتها وصباها، وشبابها. كل هذا تمحور في علاقة غريبة وجميلة بين طفلتين وصبيتين وشابتين-فيما بعد- وما اكتنف هذه العلاقة من حب وغيرة ومنافسة وتطلّع .. كنت خلال قراءتي للجزء الأول من الرواية الكبيرة (صديقتي المذهلة) أعتقد أن (ليلا) هي الصديقة المذهلة التي حكت عنها الراوية (لينوتشا)-كما يطلق عليها في الرواية- لكن تبين لي من السياق وفي الثلث الأخير من الرواية (ج1) أن الصديقة المذهلة هي الراوية نفسها وأن هذا النعت أطلقته عليها (ليلا) في حوار جرى بينهما حول كتابة مقال لصحيفة محلية ساعدت فيه ليلا صديقتها لينوتشا والتي تهيم فعلياً بشخصية (ليلا)فصدّرت وقائع حياتها اليومية قبل أن تحكي حكايتها هي..بل إنها كانت تجعل من ليلا متن الحكاية وهي على هامشها كما يتبين من السرد المكثف لوقائع العلاقة بينهما.. نابولي في أعقاب الحرب الكونية الثانية تعج بالأحياء الفقيرة وبالفقراء والمكان هنا يحتل البطولة الثالثة في الرواية. تتجول بنا الراوية بين أحيائها وقصص قاطنيها ويظهر في السياق بوادر صراعٍ طبقي عنيف وواضح. أطفال ذلك الحي الذين شبّوا ووجدوا أنفسهم يدورون في فلك البطالة أو في أشغال صغيرة وغير قادرة على فعل التغيير إلى الأفضل ، ومن هنا يبدو الصراع واضحاً مع الأسرة الغنية(سولارا)، الأم المرابية ودفترها الأحمر الذي تسجل فيه ديون أهل الحي والأب الثري صاحب المشاريع الكبيرة..قصة صديقتين من حي فقير في خمسينيات القرن الماضي ونابولي تخرج من حرب عالمية تعاني الدمار والفقر وتعب الناس فتظهر هذه الحكاية فتلون شوارع الحي الفقير بألوان البهجة، بهجة الطفولة والصبا والشباب وما يجري على هاتين الصديقتين من تشابك علاقات بباقي سكان الحي على اختلاف أعمارهم وأحوالهم .. تجلّى الصراع بين أهل ذلك الحي ليلة الإحتفال برأس السنة. حيث حاول صبية الحي الفقراء أن يتفوقوا على أولاد (سولارا) الأغنياء بتجميع ترسانة من الألعاب النارية تفوق ماعند الأسرة الغنية.. كانت نابولي تتجاذبها تيارات سياسية واضحة .ظهور الشيوعيون (اليسار الإيطالي) وبروزه بقوة في أعقاب الحرب ونتائجهاالوخيمة على إيطاليا.. وصراع الطبقة المترفة ومحاولاتها الحفاظ على امتيازاتها في ظل حكومة فاشية وتحت حماية المافيا ونظامٍ ملكي يتداعى (سقطت الملكية بعد ذلك 1946 بعد استفتاءٍ شعبي).. أقول دائماً إن الرواية من صفحاتها الأولى فإما أن يغري الكاتب قرائه ويبدع في إغوائهم فيتلقفونها بنهمٍ وإما أن يهمل ذلك فتضيع الرواية مهما كان متنها قوياً.. سعيدة بهذه الرواية و سأبدأ قراءة الجزء الثاني منها تحت عنوان (حكاية الاسم الجديد) ترجمة الأستاذ (معاويةعبد المجيد) ............ *شكراً لصديقتي الكاتبة والأديبة رزان نعيم المغربي التي دلّتني على هذه الرواية المهمة والكبيرة **رباعية في أربعة أجزاء.. الرواية التي أذهلت صاحبتها عالم الكتابة والأدب ظلت محتفطة بهويتها السرية واختفت تحت إسم (إيلينا فيرانتي)قائلة (أنها ليس من الضروري أن تغير حياتها لمجرد ان تضع بين أيدي القراء كلماتها)فلا ضرورة-في رأيها- للكشف عن تفاصيل حياتها واسمها وظروف معيشتها ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الرواية نت عن صفحة الكاتبة على الفيسبوك

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم