بشرى أبو قاسم

يعبث بأنامله التائهة على جسدي ويرسم لوحاتٍ يشتّتها بهمهمات حب تلوي صمت نشوة خطفناها من غادرات الزمن، لاحت فوانيس الشام في وجهي وهدير الريح يصفع نوافذ مملكتنا.

همست...

أرغب أن أهيم في شوارع الشام..

قفزنا من عري الحب إلى الشوارع العارية، صمتٌ خلّاب يغفو في حنايا سوق الحميدية مع بقايا أناس مروا من هنا.

انتصب الجامع الأموي بحجارته الهائلة الشامخة كقاسيون وفوانيسه السرمدية، فابتهل قلبي دون أن أدري و تضرع للواحد الباري. انعطفت يمنة بجوار تلك المتاجر القديمة موصدة بأبوابها الخشبية بمربعات وألواح تحيي هارون الرشيد. لثم تشرين وجهي ببرده الدافئ و بعثر شعري عشقاً. فجأةً، اندست يده الدافئة بين أناملي الباردة شدّ يدي بل عانقها، تغلل بين أصابعي كالماء. تدلت من فوقنا تلك العرائش التي سئمت العشاق لكنها اشرأبت إلينا استغراباً أن تحدينا ليلاً من الذعر لنمشي على دروب الهوى.

وددت احتساء شاي معتق بالياسمين لكن النوفرة خائفة, يقلب الصبي الطاولات الفضية الصغير التي بالكاد تتسع لكأسين عاشقين يبحثان عن مكانٍ يوحدهما ثم لملم الكراسي الخيزرانية التي جلست عليها عشرات السنين و ما هرمت.

لاحت من بعيد دروبٌ عتيقة مرممة, سرت الفرحة في قلبي إنه المكان الأول الذي لم يدمر بعد فهنا تسبح أرواح الفن و العشق و الشام. مددت تلك العرائش أذرعها مجدداً لتخطفني من أحضانه فاحرقني لهيب أنامله على كتفي وشدني بعنف ثم أنهال على شفتي بقبلةٍ حارة طردت تشرين و دعت آب ليلتهب في الأزقة.

تابعنا السير غير آبهين للنظرات الفضولية التي تستهجن الحب و لا تأبه بالعنف. تعب كاحلي من حذائي ذي الكعب العالي فطلبت تناول البطاطا ع السيخ بالكتشب وجلسنا على ناصية الطريق، ننتزع شرائح البطاطا بنهمٍ على دندنة أغنية كاظم الساهر "قولي أحبك". تخضبت أناملي بلون الكتشب فلعقها ثم قبلها، وأنا بين يديه كطفلة يعلمها كل شيء لأول مرة، انظر إليه بفرحٍ حالمٍ وهو يهيم بي عشقاً وفناً.

  • أرغب بثوب رقص شرقي........

رقصت على أنغام أغنية " بحسك معي طفلة" و تعريت كالغانية أمام ناظريه الماجنين.

سألته: و لم الأشجار عارية في لوحتك؟

قال: في العري حقيقة تخدش الأبصار.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم