وفي لحظة تأنيب وتوبيخ للنفس قائلاً: ويحكِ يا نفس، إذا لم يستفزها سحركِ وجذبكِ وشبابكِ فأنت إذن لا شيء ـ مجرد حطام ـ واسترخى قليلاً، وحاول أن يلتمس النعاس، لعله يبتعد ولو قليلاً عن ورطة هو بالغها عاجلاً أو آجلاً.. ومكث غير بعيد يقلب عالماً آخر مليئاً بالهدوء والسكينة، لعله ينسى ما هو عليه من مصيبة وفاجعة.. غير أن كل محاولاته باءت بالفشل ومنيت بالنكسة.. واستدار نحوها فرمق أطراف نهد مترع ينع نضج خمري. فصرخ في نفسه: آه يا ويل نفسي..! لا أعدو إلا أن أكون مجنوناً، فكل نهود اليافعات نواهد.. وطارت تنورتها مجدداً، كأنها ارتعدت مذعورة، تنظره شزراً، وتضرب بيديها أطراف تنورتها لتغطي بها ساقين مصقولين كالرخام.

شعر عندها بقوة جاذبيته التي باتت فاعلة، وقواه السحرية صارت فاتكة وقاتلة، وهو يقول جذلاً: أن نظراتي وصلت لأعماق عالمها الحصين.. خاصة عندما بت أشعرها بوجودي، وأهز نومها بصراخ أعماقي، واستفز حلمها الدافئ بنوح أحلامي، وأعلقها بتلابيب آمالي.. امتلكتها نفسياً ووجدانياً وإيحائياً.. إن ما بيني وبينها من طول المسافة التي استغرقت أكثر من ساعتين، بدت الخيوط التخاطرية ذات نتيجة ومفعول سحري، إذا لم يكن كارثياً وسلبياً.

ماذا يدور في خلدها يا ترى، ماذا تخبأ أعماقها لي من أجوبة لتساؤلات نفذت إليها مع الهواجس والوساوس..؟ ما هو لون صراخها، وطعم أحاسيسها.؟ إزاء نزيف من الأحاسيس المكبوتة في داخلي التي وجهتها بسهام أنفاسي الملتهبة.. أليس من المفروض أن اكلمها، اختلق أية حكاية، افتعل أية لعبة، لأرى عالمها المادي، بعد إن غزوت عالمها الروحي..

ما زلت أكابر؛ هنا تكمن المشكلة.. يمنعني كبريائي، ويمنعها عني حياؤها.. لكني مصر، وعلى عزيمة قوية وشكيمة منيعة، إن لا أتنازل لامرأة مهما كانت على حسنٍ وثقافة وأدب؛ هذا ما يناور به ظاهري، أما داخلي بدا يتفتت كحجارة من غرين جاسها انهمار المطر.. هي ليست المرة الأولى التي يختلف بها الظاهر مع الباطن، هو صراع ابدي، عدم توازن، اختلال، استخفاف بالقيم واستسلام لأخرى.. أنظرها بازورار عين غاضبة، ماذا يكمن في داخلها، أي صراع يضطرم في جوفها، ماذا يعني لها الرجل الذي كله همة وتوق.. يجالسها طول الطريق دون أن يكلمها، ولو على سبيل المجاملة أو الاستفسار، هل هو محصن بإحراز ضد الجمال أو بالأحرى ضد أنوثة الأنوثة..

 

الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم