"إشارة" أنا الراوي؛ الذي ظللت أكتب طوال حياتي المديدة، ولا أعرف لماذا استمرَرْتُ في الكتابة طوال هذه المدة؟ هل هو تنبيه لغافل كما دلنا الأقدمون؟ أم هي رغبة في الحكي، لاستعراض مهارة ، أم أن هذا الفعل "الكتابة" نداهة تختار من تختار وتسحبه إلى فخها، وتستنزفه بالقوة لا بالاختيار؟ وإن كانت - في كل الأحوال - محاولتي لنشر هذه الأوراق نوعاً من قهر ذاتي حتي أوافق وأقوم بنشر هذه المادة. فكرت بالفعل فيما فعله أبو حيان التوحيدي الذي أحرق مؤلفاته ، أو أوصى بحرقها كما فعل كافكا، ولكني استصغرت هذه الكتابة بالمقارنة بهذين العملاقين. بدأت في كتابه هذه الشذرات، التي قمت بتشذيبها مرات يصعب عدها، حتي أصبحت على ما هي عليه الآن. أتذكر يوم فكرت في الكتابة وأنا صبيّ، بالضبط يوم كنا مجموعة من الصحاب وكنا الأشد شقاوةً ، فلا ننام ليلاً أو نهاراً. كانت الشياطين تنام الظهيرة، ونحن نسرح في الأماكن المهجورة ،عند المشرحة نصطاد سحالي، ونقوم بتكسير زجاج فصول المدرسة وتقطيع الزهور والورود من سرايا "الست" أو نتلصص علي شقق المهاجرين. وذات يوم قال صديق: ـ تيجوا نوقعوا عربية البودفر اللي تحمل التين من سيدي عيسى موسى وفرحنا بالفكرة حتى أنني رقصت من الفرح والنشوة. ـ فُكيرة، فُكيرة ... بدأنا الصياح والرقص، علي وقع الكلمة. كانت هذه أعظم وأخطر فكرة راودتنا، فكنا بهذا الفعل نسبق كل ما قامت بيه العيال قبلنا، واخترنا مكاناً منحنياً، حيث لا أحد يرانا ونحن نحفر الخندق الذي حرصنا أن يكون بعمق حوالي مترين، في طريق عجل السيارات البودفر التي تحمل أقفاص التين من "المردة" بجوار سيدي عيسى موسى، ثم غطيناها بالحطب وفرشنا فوق الحطب شكائر فارغة من الإسمنت وساويناها بالتراب ولبدنا في الذرة في انتظار ماذا سيحدث؟ مرت السيارة الأولي ، تنوء بحملها، وعندما مرت على الحفرة ، وانحرفت على جانبها، سقطت مرة واحدة وتبعثر التين وتحول معظمة إلى عجين، ومات في تلك الحادثة ثلاثة من عائلة واحدة، وخمسة من باقي العائلات، ولم ينج سوي رجل قصير ضئيل كحشرة. يبدو عصبيا وقد خرج من الكابينة مغبراً، يجري في المكان دون أن يدري لماذا ؟ ثم يعود ينظر إلى القتلى، وبعد فترة يبدو أنه تذكر أن السائق، مازال محشورا في الكبينة، ينازع الموت. تقدم من السيارة وأخذ يحاول فتح الباب، وعندما فشل، مد يده واحضر كوريك السيارة، وأخذ يضرب في الباب بعنف، حتي انكسر الباب، شد في الرجل فوجده محشوراً بسبب تطبيق صفيح الكابينة على بطنه، أخذ يشد ذراعه بقوة، وعنف، والرجل يئن بصوت خافت، حتى سقط علي الأرض، وذراع الرجل مسلوتة في يده والدم ينزف منها ، كان يأسنا بالفعل حتى ينظر إلى المجهول وفي يديه يد الرجل لم يرمها حتى تحولت في يديه وكانها عصا يرقص بها ، يخاطب المجهول ويشاور بيد الرجل وقد أصبح في أشد الحالات جنونا، ونزقا، خرج يصيح: "ليس أمامنا خيار سوى شن الحرب" ، لضمان مستقبل أقرب للماضي، الذي يحمينا من الفناء، ثم سحب بندقيته ورفعها علامة النصر وأخذ يلقي بقصيدة شعبية في تبتل روحاني: "كلمة الرب هي بندقيتي المصوبة علي رأسك ليس أمامك خيار." واندفع في شوارع البلدة، يحصد رؤوساً، بقوة السلاح، ولم ينته النهار إلا وعشرات القتلى أشلاء في الشوارع. ومن يوم المعركة وأنا أشعر بأني مدين ليس لهؤلاء القتلى فقط بل مدين لهذه البلدة. وأعترف بأنني، على رغم العمر الطويل الذي عشته، لا أعرف إن كنت رددت هذا الدين أم لا، وفعلت الواجب، الذي أنا في الأصل مدين به، لهذه البلدة، وإن كنت أردد في شبه يأس أبدي، وبروح مشتتة وفي غاية القلق: "هذه البلدة تستحق *الكثير مما هي عليه لأنها أم عظيمة " ما هذه الحياة إلا متاع الغرور كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ محمد سليم ................... هوامش

  • بتصرف من كتاب عالم ماك
  • برنار لويس مفكر أمريكي معاصر العزل كان مريضًا وزوجته تضع القماش المبلول على رأسه، وتنزلها جافة خلال ثوان، لم يكن أحداً موجود، في هذا السكون. سمعت جلبة خارج السرايا. نادت الخدم. لم يجب أحد، تنادى وهى تنزل درجات السلم والخبط اليائس يزداد على الباب، فتحت الباب، بدا المكان أمامها خارج السرايا يعج بالفوضى، وشقيق البيه يسقط على عتبة الباب، وجسده يطلي باب البيت، بالدم، جراء طعنات كثيرات تلقاها في جسده. يعافر لكي يصل صوته إلى السيدة، التي لم تجد مفراً من الركوع على ركبتيها، والأقتراب بأذنها من فمه، لكي تميز الحروف، إلى أن أحيطت بالرسالة المشؤومة، وغيب الموت الشقيق، تركت الجثة لمصيرها وصعدت درج السلم، وكأنها في سباق للجري. السيدة دخلت على زوجها، وقالت بوضوح وثبات:
  • سيدي إن أهلك يذبحون كالخراف. نظر إليها وانتبه، وأن لم يبدُ عليه الانزعاج وكأنه رأي تلك الأحداث الجسام في الحلم، رأي السكاكين تخرج من مكامنها والشراشر، والمطاوي، والشوم، والمحرومين، مندفعين في الشوارع، يكشطون الرؤوس، يبقرون البطون، يندفعون بتصميم وإرادة..كان يعرف أنها موجودة ولكنه استلم التركة هكذا وكان من المستحيل تغيير شيء، ترك نفسه للعبة القدر، القدر هذا الإله الصامت الذي يدخل ليجري الجراحة السليمة، في اللحظة المناسبة. كان يرغب في هذه الساعة أن يتم تدمير كل شيء فالمكان فسد وأصبحت روحه عطنة ولن يحيي هذا المكان سوى النار. جف عرق المحموم وكأنه فى انتظار هذا الخبر لكي يقوم من مرضه كالرمح، لا يفكر في شئ سوى الذهب والمال الذي جمعه في كيس. ارتدى ثياب امرأة، وزوجته تتبعه وخرج من سرداب سرى يؤدي، إلى الحظيرة. رفع الزوجة علي حصانه المحبوب، ووثب عليه واندفع الخيال بالفطرة، في قلب ليل يعرف شفرته ومكان خبر مزالقه وحواريه حتى خرج من المدينة ودخل في عمق الصحارى، بين جبال قاحلة وليل بلا نجوم وغناء طيور لا يبين. مر يوم وثلاثة، يندفع في مسارب يعرفها من خلال رحلات الصيد، وناس عقد معهم صداقات، وتآلف، إلى أن حط رحاله جوار بئر ماء. أشعل نارا وترك الزوجة تعبِّد مكان النوم وسحب البندقية وغرس فيها الرصاصات وداس على الزناد فانطلقت رصاصات في الكون فتساقطت طيور قريبة منه،كل رصاصة تتبع صوت طير يصلح للهضم بموهبته، التي أُرغم على إتقانها ضمن أشياء كثيرة خزنها داخل ذاكرته، في رحلته الطويلة مع الحياة، والتي لم يملك فيها شيئاً مُلكاً حقيقياً سوى روحه، فقط أن ينسل خلسة ويخرج الخنجر ويغرسه في العروق، وللأسف هذا الخيار هو الوحيد الذي يعرف جيداً، أنه لن يلجأ إليه أبدا فهو ليس فقط محباً للحياة، بل يريد أن يفهم هذا الكون، ولذلك اتخذ من هبة الحياة فرصة للّعب مع من.. لا يدرى، ساعده على ذلك جسارة بلا حدود، اكتسبها خلال مسيرته الطويلة في البلدان، وقهر مر تجرعه قطرة وراء الأخرى. في الصباح ذهب إلى البدو ودخل خيامهم وسامرهم وخلق انتماءات وشبكة نسب خرافية، تبدأ بمصر ولا تنتهي في ليبيا أو السعودية، حتى أمن شرهم خاصة عندما خايلهم بالذهب الحر، واشترى خيمةً كانت من أغلى الخيام في العالم من البدو مقابل قطعة ذهبية. يتجول بحصانه إلي أن عرف ماذا يريد بالضبط، أن يثبت نفسه في هذا المكان البكر، تزوج من البدو ثم استزرع وسط هذه الصحارى حقلاً من الدخان وبنى سرايا، وسوراً حول السرايا، واستقدم حراساً مأمونين وكلاباً سوداً قوية مدربة وخدما وأسلحة متنوعة ومغنين وخمراً وحفلات وزوجات عديدات تحت اسم جديد. أخذ يفكر في اسم يبدأ به وينتهي. هذا الاسم سيكون اسمي.. اسمي الحقيقي جوهري، أريد أن أضع في هذا الاسم كل حياتي، مخزون تاريخي السري الذي حملته في أسفاري. ركب المحبوب وخرج في الليل وسط الصحارى، يفكر في اسمه وكيف يزرعه في هذا المكان، هذه الأرض، لكي ينمو مع الأشجار مع الحشائش مع الورود مع الشوك، تحت صقيع الشتاء ولهيب الصيف، لكي يكون لهذا الكيان وجود يستحق الدفاع عنه، حتى لو مت دفاعاً عنه فسأكون أنا الكسبان في تلك الحالة. أخذت الأسماء تترى أمامه يبحث فيها عن اسمه الضائع، يونس، صقر، محمد، سعد، صابر.. دخل على زوجته وسحبها من ذراعها ونظر إليها وسألها أنا اسمي إيه؟ قالت له بدون تفكير. أنت الملك. ضحك بقوة في السرايا. أنا الملك، فليكن. أنا الملك.. وأخذ يردد في كل يوم أنا الملك حتى أصبح بالفعل لا يعرف اسماً له سوى الملك. وفرض على الآخرين مناداته بالملك، لا ينام، ويعمل كالثور لكى يزيد من سطوته على المكان، حتى أصبح من المستحيل أن يرى فيه الناس سوى الملك الذي يدير مملكة في بقعة هائلة من الصحراء، التي يستحيل أن يدخل أحد هذه المملكة دون إذن منه. أدار هذه المملكة بذكاء فريد متمثل في استقدام العمال المهرة والمهندسين والآلات والدهاء والرشى والكرم الخيالي. لذلك لم تكن هناك ثمة شكوى واحدة ضده، لكن الذي لم يكن فقط يؤرقه بل والذي يكاد يودي به إلى الجنون هو علمه أنه بمجرد موته سيتم تفكيك هذه المملكة. وجد الحلول لكل شي واقعي إلا تلك المشكلة، فغياب الأبناء الذكور الذين بناهم في ذاكرته كما أراد، يشقيه، وكلما زاد من سطوته على المكان، عرف أن دودة العطب تكبر، وفمها البشع ذو الكلابات المقرف، يصبح في حجم المملكة.. أي خلاص وكيف يمكن ذبح هذه الدودة اللعينة؟ القلق يزيد من توتره وعنفه.يجعله يتخبط ويصدر قرارت خاطئة وعندما يسكن أخر الليل يعيد ترتيب اليوم فيجد كما هائلا من الأخطاء وفي الصباح يقوم بتقويم كل شيء (2) في الأربعين ممتلئ طويل عفي، شاربه أصفر رفيع مبروم، مغرم بالنساء بصورة وحشية مع أنها لم تكن فى يوما من الأيام مصدر ضعف له، فالثروة والقوة أتاحتا له فعل متع ولذائذ فريدة. وفى تتبعه للنساء في الحفلات، التي يقيمها ويدعو فيها رؤوس العائلات وأصحاب النفوذ من داخل السلطة المركزية التقى فتاة صغيرة لا يعرف ما الذي أعجبه فيها، داخلها روح تخطف، ساحرة تزوجها وتمنى أن تكون الخاتمة، تلف له سجائر التبغ وتشعل البخور في القصر وتغنى غناء شهوانيا، وكأنها تعلمت علي يد شيطان خارق وترقص رقصات ساحرة، وتضرب على العود وآخر الليل تدعك كف رجله، وبين المفاصل ولحم الفخذ حتى ينام. اليوم أرق ولم تفلح الصغيرة في تسكين الشياطين المسعورة داخله، أزاحها من على رجليه وخرج يدور في المكان. في هذا الليل الذي بلا نجوم سوى شموع تضيء قصره في قلب صحارى مرعبة. وسار وسط حقول الدخان ولف سيجارة وأشعلها ضجراً وغير مقتنع بأن يكون عاجزاً كيف؟! لابد من حل. صوته يرن وقلبه مفعم بالكراهية تجاه البشر، الكون. كيف... كيف؟ هل هو قانون؟ هل هذه هي العدالة؟ بدا على شفا الخبل، وشعر بأنه ليس من الضروري أن يكون له سلسال ممتد لكنها الكبرياء... كيف يكون لرعاع البشر ما لا أستطيعه؟ كيف؟ عاد إلى السرايا مرة أخرى، يدور من غرفة إلى غرفة، ومن ممر إلى ممر، لا شيء بتاتاً، شيء مثير للجنون، سحب الصبية من غرفة من الغرف المغلقة وسار بها في البهو وأجلسها قبالته ينظر إليها والى جمالها المرعب، طلب منها أن تلبس قميص نوم أسود، وتدور في البهو، الممرات، الشموع يفركها في يده حتى عم الظلام، ما عدا شمعة،جلس على الأرض سحب شريطاً من الشاش، ولف به أصابعه واحداً وراء الآخر، حتى انتهى ثم غمس أصابعه في الجاز وأشعل فيها النار، ثم أطفأ الشمعة الأخيرة ولم يبق ضوء في القصر، سوى أصابعه المشتعلة يدور في القصر، يكفر عن خطايا لم يرتكبها، يسكر وهو يشعر بوحشة مرعبة وإرادة أن يقبض على هذا العالم كله في يده ويسحقه، نادى الصغيرة الجميلة المفعمة بالشهوة أتت تجري وإحساس مخجل ومربك ينتابها، جسدها مكبوت برغبة تجعل الدموع تتساقط من عينيها بعدم إرادة منها،رأته صرخت صرخة خوف متهتك، وهى ترى النار تلتهم لحمه.كان عارياً وهى تنظر إلى عينه وصفائها الغريب، وسكون وجهه الذى جعله فاتناً فخلعت قميص النوم الأسود وارتمت في حضنه تشده إليها، وقد تحول جسدها إلى كائن حي مفتوح وفاجر، قادر على احتواء العالم، وليس جسد رجل تستطيع أن تحزمه بيديها، ضاجعها.. النار تلتهم كف يده وصراخ يهز القصر المعتم من الألم واللذة وعندما انتهيا كانت كف يده متفحمة وعلى جسدها خطوط من اللهب الأحمر.

(3) خرج من القصر جسده محترق، مرعوبا من أفاعيل القدر، والأكثر رعباً هو عدم التيقن من ذاته، م هذه الروح التي تبلدت بكم هائل من النهم، هذا السعار الذي يأكل بدأب ، سوس ينخر حتى النخاع، هذا الجنون الذي مارسه وصل من خلاله لأكثر الأفعال إرادة وقوة. الآن يحس أن هذا خواء، قمة الضعف رفع يده إلى السماء، كان الصقر المجنح يحلق فوق رأسه، يتيه في الكون بزهو منتصر.. من تكون؟ أنت شرك أم أنك واحة الروح ويقين النهار.. هل أنت بشري أم نذير شؤم، سنين أيها الطائر فوق رأسي.. حاولت خلالها أن أمزقك، أن أنهي أسطورتك، أن أدوسك.. أنا الصياد الذي لم تطش له رصاصة، طاشت رصاصتي وقفت تحلق لتذكرني بفشلي. اليوم أنا حذفت أي فكرة لإسقاطك، هل لأني سقطت في هوة اليأس والفشل أم لأن باب المعرفة انفتح بالكامل وبان الكون واضحاً أمامي، بل في قبضة يدي، وتيقنت في كل الأحوال بأني خاسر؟ أم أنت تميمتي ونجمي في السماء الذي يرتبط معي بليال جميلة، حتى العنف والقتل وإهدار الحياة.، أنا أكلمك والزمن الطويل يجعل ما بينا ألفة فلتنزل إليَّ.. قل لي هل أنت رمز؟ طائر عادي تافه؟ أم روح شريرة تدفعني إلي الجنون إلى الشر الكامل باعتباره اليقين الكامل؟ جلس علي الأرض باركا مثل جمل مهدود، أشعل سيجارة وأخذ يتنفس في هدوء حتى غفا. السيجارة في يده، ويده الأخرى تنتفض: ريح تندفع محملة بغبار أبيض أخفته داخله و عندما انتبه إلي ذلك وجد نفسه في أرض رطبة، وقد انفصل عن ذاته. ورأى نفسه تحت شجرة، نطق.. أنا في حلم حسن، وهذا القمر المنير منير، وهذا الكون الخالي من الريح يدل علي ذلك. هذه فرصتي، لأعرف كل هذه الرموز التي تحيط بي، يجب أن يتضح كل شيء؟ بدا الكون وكأنه عاد إلى سيرته الأولى، فراغ بالمطلق، أنا لست آدم، حتى لو كنت آدم، فآدم مرتكب الخطيئة كانت معه زوجته، كما أنني متيقن من كوني في حلم، لا يمكن أن تكون هذه الحياة بكل هذه المتاعب ويكون الحلم أيضاً. أعلم أن الموت أمر محتوم، وأن حياة الإنسان ما هي إلا جزء من دورة مستمرة مع الجهل بالمصير ولكن أن يتحول الحلم إلي سكون تام، سكون عنيف وليس كشفا، هذا هو العنف، هذه هي المتاهة الكابوسية.. الصقر المجنح تحولت أجنحته إلي أجنحة نحاس، يضرب بقوة ويطلق صوتا في غاية الوحشية والجنون. أخذ يجري والطيور تتبعه والنمور وفيلة، حُمر وحشية. يجري حتى وجد نفسه في مستنقعات يدوس الديدان الصغيرة والأفاعي والعقارب والجعارين. أحس بأنه مستباح وأنه في طريقة إلى الظلام الأبدي، أخذ يجري بقوة وجد بناء علي هيئة معبد اندفع إليه باعتباره الملاذ، دخل يجري، وبرغم ما به من وحل تغوّل في المعبد، يدخل في الغرف يبحث عن شيء فلا يجد شيئا. الفراغ مطبق من كل الجهات، حاول أن يعود مرة أخرى، ولكن غُلّقت الأبواب،أخذ يبحث عن منفذ،لم يجد إلا شرخا وسهم الشمس أظهر بصيصاً من الضوء جلس على حافة الضوء وأخذ يفكر فيما سيفعل..

ـــــــــــــــــــــــــــــ

  • كاتب وروائي مصري. نشر عدداً من الكتب في القصة والرواية منها: • جسد في ظل (قصص)

• طفولة ضائعة رواية

• الحروب الأخيرة للعبيد رواية

• ريح فبراير رواية

• مزرعة الجنرالات رواية

• سجن مفتوح رواية

  • زواحف سامة رواية

  • ندْبَة المُغَرِّد- قصص

  • يد بيضاء مشعة قصص

الرواية نت - خاصّ

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم