((بكين: يقول مؤرخ صيني إن لديه أدلة على أن المحارب المغولي الشرس (جنكيز خان) كان بارعا في استخدام القلم نفس براعته في استخدام السيف. وقالت وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا) إنَّ المؤرخين قد دأبوا على افتراض أن الحاكم المنغولي القديم كان أمياً في المقام الأول لأن اللغة المنغولية المكتوبة لم تُعْرَفْ قبل مطلع القرن الثالث عشر أي عندما يفترض أن الخان كان في الأربعين من العمر ولم يكن لديه وقت للتعلم. لكن الوكالة قالت إن (تنجوس باياريان) الأستاذ بجامعة منغوليا الداخلية في الصين أعلن أنه عثر على "مرسوم مكتوب بخط اليد" سطره (جنكيز خان) عام /1219/ في كتاب أرسله إلى كاهن صيني. وَنُقِلَ عن (باياريان) قوله "إنَّ الرسالة الأصلية (وكانت بالمنغولية) كتبت بأسلوب وطابع فريدين ولا يمكن أن يكون قد صاغها أحدٌ غير الحاكم العظيم نفسه." وتقول رسالة كتبت فيما بعد لنفس الكاهن "أصدرت أوامري للوزراء بوضع كتابٍ موجزٍ بعظاتك وسأطلع عليه شخصياً". وأضاف (باياريان) قائلاً "تشير عبارة (سأطلع عليه شخصياً) إلى أنَّ (جنكيز خان) كان يمكنه قراءة النسخة المنغولية من العظات". )) وكالة انباء رويترز / 23 / 8 / 2004

1 يجلب الليل لأجفان (أوقتاي الصوفي الأوزبكي)، رغبةً بالعيش في أبراج النجوم، النجوم البراقة من شفتين تضحكان ببراءة. ـ البراءة تعني أن تكون طيباً وصادقاً وساذجاً في بعض الأحيان. في زمنٍ مثل هذا من الصعب أن تجد هكذا مواصفات. طيبٌ وساذجٌ وصادقٌ. الشيخ نجم الراوندي تحدث أمس في محاضرته وقال: الصدقُ أن تقتل كافراً، والطيبة أن تنتظر موتكَ وأنتَ في لهيب المعركة. والسذاجة أن تفتح المذياع لتسمع ما ينسيك ما أنت الآن جالسٌ لأجله. أحياناً أشعر بأن شيخ قريتنا المسماة (غزل الشفتين) والواقعة في وادي العطر الأخضر على بعد ثمانين فرسخاً من (طشقند) يحكمنا بهاجس قد لا يؤمن به هو: نعم أنا أقرأ في عينيه ليلاً مختلفاً رغم أنني باغتُّه أكثر من مرةٍ فوجدته يصلي. أفكر بعاطفتي، أشعر في أحيانٍ كثيرةٍ أنَّ النوازع تقلل الفواجع، تلك التي نشعر أنَّها طيبةٌ وساذجةٌ وبريئةٌ، ولكني أعود ثانيةً إلى حرارة ما فيَّ من عصبيةٍ اتجاه أبديتي القديمة وأقول: أنا من جنس مغولي. لا أعرف إن كانت أزمنة الأمس هي أزمنة الزوال مادمت قد وضعت قدماي على طريقٍ عبرت لأجله طرقاً وعرةً وجبالاً شاهقةً. ألا وهو طريق البحث عن مدونات القرى التي خلفها الأجداد لنا، والتي دُوِّنَ بعضها على جلود الحيونات وأخرى بقراطيسِ من ورقٍ مهترئٍ والبعض على مقابض الخناجر وحتى على سروج الخيول وثمار القرع اليابس. حِكَمٌ وحكاياتٌ وأساطير عشقٍ وأوامر إمبراطوريةٍ من أولئك الذين كانوا بقسوتهم وجبروتهم يمسكون ظفائر الضوء المعلقة بالسماء. أجدادي القساة، أبناء حليب الخيل وغناء الماعز والسيوف الحجرية الحادة النصل. لم يعد صياح الديك ورائحة روث الحيوانات وعطر البرسيم اليابس يثيرني في لحظة احتضانِ من أتوسد معها عمر المصاحبة والاقتران.عندما أُريد أن أتذكر تلك اللحظات الصباحية اللذيذة أشعر بالخجل والخوف، وأكاد أن أفقد لحظة القوة التي أنا فيها الآن. أأمسك البندقية وأنتظر العدو، أو أذهب إليه بنفسي. العدو هنا ليس الإنسان. بل الذئب أو ابن أوى أو النسر الذي يأتي من أعالي السماء، ليسرق اللحم المجفف فوق سطح الكوخ. فالشيخ الراوندي يقول: مُتَعُ الحياة الكبيرة أن تحضى بشرف ركوب السماء بنعشٍ من الريش. وإن دار الفناء هذه لن تجلب لك سوى متعةً مؤقتةً. الأزل الجميل هناك. ونيل الأزل في قتل ذئب أجمل بكثيرٍ من أي نيل آخر يأتي عن طريق فعل كهذا. والأزل، يقصد السماء طبعاً. أنا أفتش عن قصدٍ يرتبط بأزمنةٍ أود استحضارها، أزمنة التيه الصارم، والصوت الحالم بامتلاك العالم بطريقة يراها مناسبةً لطموح روحه التي لم تعرف التدوين بقدر ما تعرف اختراق الخاصرة. ولهذا كانت مدونات الإرث المغوليِّ كلها مصبوغةً بلونٍ قانٍ من احمرار ساحات الحرب والذهاب إلى جهاتٍ مجهولةٍ يأتي اكتشافها لاحقاً. كان أجدادي المغول يذهبون إلى الأراضي الجديدة دون كشافين. يأخذون الشمس شمالاً والنجم القطبي يميناً ويقربون لحظة الشروع مع أول خيوط الفجر، ويهلهلون بصراخٍ مبهمٍ لا يمت لأناشيد الحرب بصلةٍ ويقال إنَّه صوت ورقة الصبير الكبيرة حين يضربها سوط الرمل في الصباح العاصف، ولهذا كانوا ينتصرون. ويحولون انتصاراتهم إلى نيرانٍ مشتعلةٍ في قلب الحضارات، إلى الحدِّ الذي أمسكتْ الهدايةُ أحدَ ملوكهم وصار مسلماً. في قريتنا البعيدة وراء شهقة الحسرة وعيون أطفالي وهم ينتظرون خطوات القادمين، كما تنتظر الأرض العطشى مُزْنَ المطر الباردة. السماء هي الفسحة التي نأوي إليها كلما شعرنا بضيق وطلبنا الحاجة المستحيلة. أن لا يصيب جنون البقر دوابنا، وأن يثمر الملح بلحاً كثيراً وان لا تُصْبَغَ الأرض وتصيرَ بيضاء كالثلج ونطلب منها أيضاً مزيداً من الأطفال. ورغم هذا أفكر بما أتمناه، أن أنزوي بعيداً عن رتابة العيش اليومي بين ثغاء الغنم ورائحة الروث والحليب وسذاجة صديقي (تشوبان) وهو يُقرُّ بأن مغوليته التي رحلت مع سيف جده العظيم (قبلاي) ستعود ثانية بمركبة فضاءٍ. لقد قرأت الكثير من هذه النصوص المدونة على جلود الحيوانات أو في ورقٍ يكاد يبلى من نسمة الريح. الأشعار المكتوبة كأنها بحةٌ تلعن الجمال وأخرى تتغنى به. الأمثال التي تتحدث عن سلطة القوة حين تقول أول خطوات الحكمة والسيف حين يحسم الأمر والأغاني ينبعث منها صدى موسيقى مبعثرةٍ كقول إحداها: ((كَسرتُ الناي تحت شفتيكِ، لأنك لم تسقي حصاني القادم من المعركة الماء، ولم تطعميهِ العشب. اسمعي: لا أحبكِ، وحصاني غاضبٌ منك.)) الحكم في مدوناتهم رهناً بالقوس والنشاب، وقوسُ قزحٍ شارب قائد الفصيل. والحجر القرمزي، يقرر حسم اختيار العشيرة لعرافٍ جديدٍ، فيما وتد الخيمة عند المغولي روحه التي تجابه عاصفة الليل. عَالَمٌ من الأفكار المطلقة بحدود الرؤية الواحدة (السيف وقطرة الدم، ومداعبة صهيل الخيل وهي تبحث عن الأرض الجديدة). أقضي أيامي جوالاً بين القرى في مقاطعة (زوداي). أتنقل بين بيوت من أعتقد أن لديهم خزيناً من موروث الأمس، فأقابل بالرضى أو الصد أو الحذر. المغولي الأولُ كان يفكر بنظراته ثم عقلهِ. إنَّ الصحراءَ تصنعُ الحدس في العيون قبل أن تصنعه في القلب. بعضهم لازال يرث مثل هذا الهاجس ولهذا يتعاملون مع رغبتي بالحصول على المدونة من خلال نظرة العين وهذا ما كنت لا أتوقع منه استجابةً سريعةً إلى الحدِّ الذي يحاول أحدهم دفعي عن بيته وخيمته بيديه وبقوةٍ مع صراخٍ مفتعلٍ من أنني ربما أريد أن أجلب له لعنةً ما إن أنا أطلعت على ما لديه من طلاسم أو قرطاسٍ تبدو معانيه مهمةً بالنسبة له، حتى لو كانت دعاء كتبٍ بثقافة بربرية الأمس قبل أن يسكن هجاء المعرفة روح ( طوسون بن قبلاي)، أو ( إختمار اوتن ) قائد الجناح الأيمن للجيش المغولي وهو يحاصر (بغداد) قبل دخولها وإحراق كلّ شيءٍ فيها، حتى حانوت الجاحظ ومستشفى الرازي وبيت المال. علي أن أَدْلُف الريفِ الأوزبكيَّ وأمشي حتى خوارزم أبحث في ما تركه الغيم على ذاكرة الأصل الذي أنتمي إليه، وحتما ثمَّةَ اسم سيشدُّني إلى معرفة ما أعتقده سرَّاً، جعل الذي أريد أن أكتشف ما تحت أجفانه، والذي أحمل اسم أكبر أبنائه. (جنكيزخان). إمبراطور (التتر). والصوت الذي أوصل حُلْمَ الجياد إلى أطراف الأرض التي لم يصلها ضوء النظرة المنغولية. ((وحتما نحن ذهبنا لأنَّ الجوع أتى إلينا)). تلك كلمات (جنكيز خان) وفيها من الحكمة الكثير، ولكنها كما يقول مولانا (بهاء الدين قندهار (رحمه الله)): ((حكمةٌ مصنوعةٌ من قساوة الروح والجسد.)) كثيراً ما يذكر معلم المرحلة الأولى في مدرسة القرية اسم الفاتح العظيم (جنكيز خان). يذكره فقط دون ألقاب أو حاشية عدا ما هو موجود أمامه من صفاتٍ للغازي (خان) في كتاب التاريخ المنهجي الذي وضعته لجنةٌ معتمدةٌ من معهد الدراسات الشرقية في العاصمة موسكو. وهذا يعني في اكتشافٍ متأخر لي: إن التاريخ يخاف كثيراً من الأيدلوجيا و(جنكيزخان) في العرف الشيوعي طاغٍ ومحتلٍ ودكتاتورٍ. لهذا يتحاشى المعلم ذو الأصول المغولية المديح لرجلٍ له مهابة في قلوب الجميع. أدرك هذا، وأذهب بخطى البحث عن تاريخ الحشود الأولى للجراد المغولي الذي سيلتهم الأرض بعد حين. أفكر بالقرى وبالجبال الشاهقة في علوٍّ ثلجيٍّ وبكثبان رملٍ لصحارى قَدَمَيَّ وهما تفتشان عن مغزى إصرار أبي أن أحمل اسم أكبر أبناء (جنكيز خان). وأتذكر أيام تكية بخارى حيث ولعي بروح التصوف والانبهار وقراءة المستشرق من الشرق والطالع من الساطع. والنور من البلور. شيخ القرية قال: تحتاج إلى عمامة لتذكرنا بتوبة أجدادنا من سفك دماء دجلة. طالما تمنيت أن أسبح في مياه دجلة وأعتذر لها عن الدم المسفوك على دوارق الماء وعن إحراق كتب بيت الحكمة. ولكن مرت عصور وعصور، والاعتذار لم يعد مقبولاً وربما كان مقبولاً يوم اعتنق أجدادنا الإسلام. تغوص القرى في خيال الليل ويتلون الضوء بمشاجرة الغيم لقمم الجبال المتكئة على أكتاف سماءٍ قاتمة. الرياح تعبث بتسريحة الأشجار القصيرة، واليراعات المضيئة تسافر بعناية بين أثر قدم الحرباء وأجفاني وهي تحث خطا المشي للوصول إلى أقرب قريةٍ يلوح ضوءها على بعد فرسخٍ. صوت مندلوين من نهاية نفق الريح المندفعة أمامي كخيال من الهمس. يتراءَ لي سير الأسلاف وحشودهم إلى ما يبتغون. الخان الأول يطلق شخيره. والقادة يُصَفِّرُونَ قتلاً للوقت وانتظاراً لحسمٍ قادم في عشرات المعارك. فجأة يستيقظ الخان: ويسأل إن كانت (سمرقند) هي الجنة. فيرد العراف: لا أعرف. أرى الجنة في كأس يا مولاي. (جنكيز) (يغضب) ويرفس عرافه بمقتله ويصرخ: (جنة الكأس لحظةٌ وأنا أريد جنة المكان.) أتخيل المغول وهم يذهبون إلى أمكنة لا يعرفونها. مدنٌ بقبابٍ وجوامع وأسوارٍ وحماماتٍ وحاناتٍ من آرابسك معطرٍ بالصندل. وهناك الإناث الروميات والشركسيات والأرمنيات والفارسيات والعربيات اللائي تغلب عليهن السمرة المدهشة. هناك الرياض المصنوعة بهندسة الأسيجة والأسواق المغطات بالقرميد الأحمر، وهناك واجهات بريق المعادن حين تعكس بريقها على عين المغولي الصغيرة فتتسع بشهوةٍ عجيبةٍ تحثهُ على الاندفاع لبقر بطن الذي يراه أمامه. يقول الشيخ الراوندي في الدرس الرمضاني بشتاء القرية. وهناك كانت المدفئة تشع في وجه (أوقتاي) رغبةَ السماع، ومن ثم التخطيط لشيءٍ هو في أمنيته استحضاراً لروح من أخذ بخيولِ وأحلامِ المغول إلى مدنٍ لم ترها الأسلاف سوى بحجر العرافة وكانت مدناً لا تُرى جيداً. يقول الشيخ بصوت رَخِيْمٍ: (الروح المغولية الأولى روحٌ يُسيِّرها صوت السيف، وخبب الخيال. وحكمةٌ لم تكتمل صورتَها ولكنها كانت دعوةً للذهاب بعيداً عن القحط وشحّ الكلأ. كان الخان الأول يدرك في ليله رغبة انتقال روحه إلى أمكنةٍ أخرى ليكتشف لقومه البن والشاي والخمرة المدهونة برحيق العنب. لم يكن هذا موجوداً في بوادي المغول، كانت هناك فقط رياضة الركض وراء الغيومِ. الغيمُ لا يتعب، ولكن أجدادنا كانوا يتعبون ويموتون بصمتٍ. أطيل النظر في ورقة التاريخ، أتخيل ولادة جنكيز خان. أتخيل لحظة شعوره بالرجولة، وأتساءل: هل كان معها وردة عشقٍ أو عاطفةٌ حنونةٌ؟! التاريخ لم يذكر هذا، حتى أنَّ رواية ولادته مؤرخةٌ بشكلٍ غريبٍ كالتالي: إنَّ والده كان لديه العديد من الزوجات أكبرهن (ويلون ) والدة (تيموتشجين). وقد ولد (تيموتشجين) «جنكيز خان» في وقتٍ عاد فيه والده من إحدى غزواته المعتادة على التتار وعند رؤيته للمولود قابضاً عند ولادته على نقطة الدم المتخثرة عدَّ هذا بمثابة إشارةٍ للرسالة العليا الملقاة عليه في الحياة كمقاتلٍ، ومصيره في الحياة كفاتحٍ ولهذا أطلق عليه الأعداء اسم الأسير. إذاً هو لم يكن قابضاً على وردةٍ أو دميةِ خشبٍ حين ولد، بل على نقطة دمٍ متخثرةٍ. وهكذا بقيت هذه الخثرة وشماً على خارطة مجده، وأتمنى أن أكتشف ما يغير من هذه المعادلة الآنية في وجود (جنكيزخان)، اعتماداً على ما قيل إنها رسائل حكيمةٌ وواعيةٌ خطها القائد إلى قواته وولاته وفيها من العضات الكثير. الليل، وحلم الروي في مُدَّونة ربما أجدها قابعة في خزانةٍ من خشبٍ متهالكٍ، وربما بفم عجوزٍ ينفخ دخان التنباك بعنايةٍ ويقص كما سمع لاكما يعتقد. أو قد أجد المغزى في أغنية راعٍ بصباحٍ على قارعة الطريق. فالمغول يقولون: (قصصنا كلها مخبئة في خضرة المراعي.) يتخيل دارس التاريخ الشكل الأسطوري لتفكير الخان المغولي، حين شبَّ وأحس أنه جديرٌ بقيادة قبائله المتعددة الانتماء من بطونٍ شتى. قال في مقتبل عمره: المرأة تأتي ألف مرةٍ، ولكنَّ المُلك لا يأتي إلا مرةً واحدةً. اعتبر معهد شنغهاي للدراسات الشرقية أنَّ هذا جزءٌ من حكمة الإمبراطور وعضاته. كان المغول يُسْكِنون الليل بالخمرة والشواء -المقاتلون كانوا يفعلون هذا- فيما الرعاة وبسطاء القوم كانوا يصنعون ليلهم من حليب الماعز الدافئ ودقيقاً يجمعونه بعنايةٍ من سنابل الوديان وحقول الذرة. وعلى حفلة شواء التيس كان الأمير يفكر ملياً. غاب عن ذاكرة المغول التخيلات المتحضرة للعالم، لم يفهموا بعد الخرائط والجغرافيا وامتلاك الأراضي ذات الأسوار والصوامع والقباب الشاهقة. كان عالمهم عبارةً عن كونٍ مفتوحٍ يبدأ بزرقة قاتمة وينتهي إلى بياضٍ لا يفضي إلى شيء سوى رغبةٍ محدودةٍ ودواءٍ عشبيٍّ يمنحه الكاهن لمن يشعر بمغصٍ من لحمٍ نيئٍ، أو حليب ماعز مريضة أو جرحٍ في مبارزةٍ بريئةٍ، وغيرها حيث يطلب المغولي نومةً مع زوجته من خلال الإيماءِ. فقد كانوا لا يتحدثون كثيراً بقدر ما يشيرون كثيراً وحتى حين يداهمهم طقس تعبدٍ خارج الشعور الوثني، كانت الإشارة هي الصلة الواصلة بين الأرض والسماء. يجلس خان المغول في ليلة اكتمال القمر في واحدٍ من شهور الصيف حيث يختفي الغيم تماماً لتكون جلسته ووجهُهُ بمواجهة الضوء الساطع. على جانبيه يجلس أمراء القبائل وكبار القوم وبعض الشيوخ من عمداء المغول والفرسان المقربين وبعض من الذين يختارهم الخان من مؤنسيه ومسامريه. لا مكان للمرأة في مجلس الخان. ولكن بإمكان زوجته ومحضياتها وزوجات الأمراء والقادة أن يكون لهنَّ مجلسٌ للمشاهدة والسماع في خيمةٍ أخرى ليست بعيدةٍ. ينظر المغول إلى القمر بهيبةٍ وخشوعٍ. تعتقد رؤى (الميثولوجيا) البسيطة التي يمتلكوها أنَّ للقمر فمٌ واسعٌ وبإمكانه ابتلاع كل نائمٍ إذا كان عمله شائن. لهذا يؤشر الخان حال دخوله الخيمة باتجاه القمر ويأمر الجميع أن ينحنوا لهالة الضوء في خشوعٍ متواضعٍ. يجلس الخان وسط مريديه وقواده، يتقدم العراف مع آنية الماء، ومجمعة حصى وأشكالٍ نحاسيةٍ وخرقةٍ ثم يَبدأ طقوس التبرك اتجاه الضوء فيما يحمل بعض الرجال سنابل يابسةً ينثروا حبيباتها اللامعة على رؤوس الجلوس، عَدَا الخان الذي يتقبل فقط أن يكون على رأسه رذاذ الماء وتمتمات الكاهن المجهولة. مرت ساعة من الصمت وجمل الولاء لفتنة الضوء، وخلال الطقوس يحرك الجلوس رؤوسهم ويمضغون دخاناً من أراجيل بدائيةٍ لتبغٍ عشبي يستسيغونه، ويتناولون بمرح حبات القمح وكؤوس الخمرة، وفي ذروة النشوة يُقدَّمُ للخان ماعوناً كبيراً من اللحم المشوي، ومع كأس خمرٍ كبيرةٍ ومرح الخان برضى القمر عن ليلتهم المكتملة بطقوس الإشارة الغامضة يعتقد أنَّ البركة حلة عليه وعلى قومه، وهناك يأخذه السكر بعيداً، ينادي على ندماءه، يتندرون بحكاياتٍ يعتقدها ضاحكةً رغم أنها تعاد عليه في كل جلسةٍ، يتثائب لينام على مقعده المبطن بفروة أكبر خرفان قطيعه الملكي. ينام ويشخر، وينسحب الجميع سكارى، فيما يطل الصباح على المكان. وتشرق الشمس. يغني راع مع ماشيته والخان لا يزال نائماً ويشخر. أنا أيضاً أقود خطاي تحت سحابات ضوء ذات القمر الذي يرهب جلسة الخان ويُقَدَّمُ إليه النذور ليبقيه سيداً لقومه ويصغي ببلادةٍ لجمل الكاهن التي تمجده وتبسط العالم البعيد بين يديه وأجفانه كما تبسط الشمس ضوءها على المراعي الخضر. أجهل تماما تعاويذ الأمس ولاشيء بقي من طلاسم تلك الجلسات الصحراوية التي تزدحم بها بهجة المغول احتفاءً بالنور الساطع، وكان الكاهن في هذه الليلة يستحوذ عليه الهم الكبير ليرضي الخان بمزيدٍ من الحُكم القادم والأبناء والفحولة، وكل ما يجازى به المزيد من اللحم المشوي وقِراب خمرٍ صنعت من جلد الماعز، يدفنها في أحضانه كمن يحصل على كيسٍ من الجواهر، وفي عينيه صغاره الجياع ينتظرون هداياه القمرية من اللحم والدقيق وابتسامات الخان وشخيره. تذهب العتمة إلى قممٍ بعيدةٍ داكنةٍ وحفيف ورقٍ لشجرٍ مورقٍ. يقابلني ضوءٌ مدورٌ لأكواخٍ بسفحٍ ليس ببعيدٍ. قرية (أتلو ــ حيكاري). يقال أنَّها ولدت دون أن يكون لها تواريخ تأسيس، الناس هنا لا يأتون على ذكر بناء هذه البيوت المربعة التي رصفت جدرانها من حجر الجبل فيما يشكل القش والخشب سقوف بيوتها، يسورها جيش من أشجار الأجاص والكروم وتمتد على خاصرتيها حقول الشوفان والقمح والبطاطا. القرى. تولد، وتعيش، وتمشي مع الزمن. ولا حاجة لنُدَون بدئَها لأنها ولدت حتى دون أن نعلم. ولكن ترك الأجداد لنا فصولاً أربع ومواسم زرعٍ. وكتاباً من الله عزَّ وجل (القرآن الكريم). شيخ القرية الذي دلفت إلى كوخه المتصدر البوابة الشمالية لها، أخبرني بهذا. قلت: إذا كانت معرفتكم لوجود القرية من كتاب الله عزَّ وجل (القرآن الكريم). هذا يعني أنَّ القرية أتت بعد أن أسلم المغول وهي ليست ببعيدةٍ في وجودها كما تقول. أعرف قرى في (القوقاز وقفقاسيا) مقترنة حتى بنزول أبي البشر آدم (ع) وبعضها مقترنٌ بتوقف سفينة نوح. وقرى أخرى صنعتها أساطير بعيدةٌ. ــ نحن صنعنا كتابُ الله، هكذا أعتقد، وقبله كنا في تِيهٍ. أتخيل الخان العظيم في تِيهِهِ الأول، قبل أن يخطو مع خيوله ذاهباً إلى العالم الجديد، هذا العالم كان المغول ينظرون إليه بذهولٍ وقسوةٍ ومن ثم تدفعهم رغبة السيطرة والجهل والقسوة ليحطموه ويحرقوه ويبقرون بطون نساءه حتى قيل: إنَّ حبر الكتب التي رماها المغول في دجلة أيام إحراقهم بغداد ونهرها ظل يصبغ ماء النهر بزرقةٍ قاتمةٍ لأيامٍ عديدةٍ. يذكر مؤرخ (سوفيتي) ذلك ويتساءل: هل كان المغوليُّ يشعر بخجلٍ لهكذا أفعال؟ فيأتي الرد في استبيانٍ جامعيٍّ لشريحةٍ من الطلبة المغول بالقول: إنَّ الدخول في الدين الإسلامي قد محا سيئات ذلك الجرم الشنيع. أن تُحْرَقَ بيتُ الحكمة وفيه كل خواطر (سقراط والسريان) وهوامش (ابن الهيثم) وإرث (زرادشت) ويوميات (التوحيدي) وغيره من نبهاء العصور التي سبقت عصر بني العباس. تطفح رغبته وهو يتطلع إلى مدى لا ينتهي بنهاية البادية التي أمامه، حيث يلوح في زرقة الخيال سحر اللون الكاشاني على قباب جوامع وقصور (بخارى وسمرقند و باكو) وكل مدن (خوارزم والخزر) وربما ستصل الرؤى إلى كنائس الروم ومعابد (بوذا)، وهو ما حصل فعلاً. إنه واقع تحت تأثير معنى انتمائه، وتداخلات البدء الوجودي لسلالة المغول والتفسيرات التي لا تنتهي حول أصولهم. يحيل صمته إلى غضبٍ وانفعالٍ لأنه لا يستطيع أنْ يعبر عن لحظته بالكتابة والتأليف، فيعود إلى ما أظهرته الكتابات الحديثة حول أصول سلالته، كما يذكره كتابٌ عن التاريخ المغولي صادر عن (معهد الدراسات الشرقية للمجمع العلمي الروسي فرع سان بطرسبرغ): (إن علم التاريخ الحديث حتى يومنا هذا لا يملك تفسيراً موحداً لمعنى كلمة مغول، مرجحاً أن يكون الاسم -حسبما يشير- كان يعني في البداية قبيلةً واحدةً أصبحتْ اسماً جامعاً يحمل في ثناياه الشعوب والقبائل المغولية كافة. وتتباين التفسيرات التي تقدم لمعنى الكلمة بشكلٍ كبيرٍ يصل في بعض الأحيان إلى حدِّ التناقض فمثلاً بينما يعتقد (أكاديمي روسي ـ ي. شميدت ـ عضو أكاديمية -العلوم الروسية-) إنَّ كلمة مغول تعني شجاعاً أو متفانياً أو غير هياب فإن (ب. راتشيفسكي) يرى في تفسير هذه الكلمة تقليلاً من الشأن فيورد كلمة (مونغوو) بمعنى كلمة غبي أو عبيط ..)) وبين الشجاعة والغباء تتشتت نظرة الخان ويقع في اكتئابٍ مظلمٍ ثم يقرر أن يمضي بعيداً إلى مدن الفسيفساء والحجر الإيوني الأخضر وقباب الموزاييك الفيروزي. منبهرةً كانت خيولهم، قبل أن ينبهروا هم. وكانت سيوفهم تذهب في أجساد من تلاقيه وتمزق كلَّ الأحشاء، وكانوا يطلقون أصواتاً لم يعرف المسلمون لها أصلاً رغم أنَّهم خَبرُوا وسمعوا كلَّ لغات العالم الموجود ليتساءل أحدهم: (إنْ كان أولئك القوم العابسون جاءوا هابطين من سماءٍ أو كوكبٍ لا يحوي إلا الشياطين؟! . (ولجنكيز خان) وصفٌ لما فعله في خراب حروبه، كما أتى ذكره على لسان الرحالة (الطنجي ابن بطوطة) الذي شهد الكثير من مدن المغول وجاب فيها، وأشتغل في بعض إيواناتهم قاضياً وخليلاً، ويأتي الوصف على جبروت خان المغول وقساوته في الصفحة /237/ من الجزء الأول من رحلته المسماة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار): ((ولما وقع القتال هزمهم (تنكيز) ودخل مدينة (أطرار) بالسيف فقتل الرجال وسبى الذرارى، وأتى جلال بنفسه لمحاربته فكانت بينهم وقائع لا يُعلم في الإسلام مثلها، وآل الأمر إلى أن تملك (تنكيز) ما وراء النهر وخرب بخارى وسمرقند وترمذ وعبر نهر جيمون إلى بلخ فتملكها ثم إلى اليامان (الباميان) فتملكها وأوغل في بلاد خراسان وعراق العجم فثار عليه المسلمون في بلخ وفي ما وراء النهر، فكر عليهم ودخل بلخ بالسيف وتركها خاوية على عروشها)) يتذكر المقريزي (المؤرخ الذي عاش بمصر) تلك المحنة، ويكتب مندهشاً من عبوس عيونهم وصغرها وشراسة اندفاع خيولهم مع سيوفهم اللامعة الرفيعة. يكتب عن طرابيشهم الغريبة المكسوة بالفرو، وعن ضفائرها الطويلة ونحافة شواربهم وجبهاتهم التي تلمع بغضبٍ وحماسٍ، فيقول: إنَّ سلطان مصر قرر إيقافهم عند حدِّهم لأنهم إن وصلوا الديار المصرية سيأكلون حتى موتى أهرامات الفراعنة، ولن يبقى بعد ذلك لأزمنة موسى من أثر. فكانت معركة (عين جالوت)، التي كتبت أول هزيمةٍ للمغول مع العالم الإسلامي، وربما تكون هذه المعركة، لحظة التفكير في الذاكرة المغولية، ليأتي بعد ذلك تأثير الدين والتقاليد العربية وليعلن ولاتهم وحكامهم اعتناق الدين الإسلامي، وبهذا يبدأ عهد الدولة المغولية المسلمة الممتدة من (شنغهاي) وحتى (بغداد).

  • ملكٌ قاسٍ، ولكنه حين شاهد العالم يفتح مسافاته أمام أجفانه الطموحة، سكن إلى حكمة ما، فالدولة لا تشبه خيام البادية، وإذا كان المغول أيام عهود الرعي لا يحتاجون إلى نظامٍ حياتيٍّ معقدٍ ومدوَّنٍ، فهم اليوم يحتاجونه كثيراً، لأن البلاد التي أتوا إليها بلمعان السيف، لها نمطٌ لم يألفه المغول، ولهذا عاد الخان إلى ذاكرة العشيرة، وتصور أنَّ الحياة لسلالته ستلغى من خلال فرقة الأبناء وطموحهم، فوضع كتابه الموثق بين أجيالهم والمسمى (اليساق). لا أدري إن بقيت نصوص (اليساق) إلى يومنا هذا، أم إن القوانين والنظم الحديثة جرفته إلى الاندثار والنسيان؟ فقد كان أبناء الخان العظيم يجتمعون لأجله بيومٍ سنويٍّ، وكلٌّ يراجع مسيرته حسب بنودِ وأخلاقياتِ ونصائحِ الكتاب، ومن يشذ عن تعاليمه يقال له بكل جرأة أن يتنحى، ويُعزل، ويجلس غيره من أبناء الخان على كرسي الملك. يدون (أوقتاي) هذه التفاصيل. يدخل ذاكرة قرى (التتر) وأجداده الذين كانوا مندفعين برغبة الوصول إلى أعتاب الهاجس الخفي، حيث فكر المغولي بالجواري البيض، والخمور المعتقة وببساتين المدن الدافئة والتي ترتدي ثياب الضوء في محاسن البنيان وخمار المنشدات وإيوانات القصور الفخمة. يدفع إليه الشيخ مدونة على جلدٍ يابسٍ لغزالٍ مسكينٍ مات بنبلة سهمٍ مقاتلٍ مغولي. تبدو الحروف التركية مكتوبةً بخطٍ رديءٍ، جملٌ تكاد أن تكون أدعيةً بدائيةً. (أوقتاي) يعرف التركية، ولكنه يتعثر في لفظ ما يراه. جمل تحاكي صورة الطلاسم، وعليها مثل حركات الحروف ترسم سيوفاً وشموساً ورؤوسَ طيورٍ صغيرةٍ. قال الشيخ: تلك تعويذة الخان العظيم (جنكيز). ربما الأمر غير قابل للتصديق، لأنَّ قطعة الجلد هذه لا يليق بها أن تركن في هذه القرية القوقازية ما دامت هي من ممتلكات الخان. لقد ورثنا هذا الأثر وتوصيفه من أجدادنا. من جاء بها لا نعلم. ولكنها في ترجمتها الحرفية تلتقي في الكثير من معاني وتعاليم الكتاب الذي خَطَّهُ الخان من خلال القلة العارفين للكتابة الذين كانوا بمعيته. تذكرت كتاب (اليساق). وذكرته أمام الشيخ المسن. قال: نعم. ربما تلك التعويذة أخذت منه، إنه كتاب يحوي رؤى المغول في أول فهمهم لما حولهم. ولنقل إنه دستورهم وملاذهم وقت الشعور بالحرج، ففيه الأدعية الشافية ووصايا الأخلاق والحُكْمِ في الخلافات. وبينما النجوم تبرق بخيوطٍ نحيفةٍ من ضوء الفضة أمسك الشيخ (بردغاي) قطعة الجلد، تأملها بنظرةٍ عميقةٍ، ثم أطلق أصواتاً للغةٍ لم يسمع (أوقتاي) بحروفها يوماً ما. ربما هي اللهجة المغولية الأولى. ربما لغةٌ لآلهةٍ مندثرةٍ. وكان غياب الشيخ في حماس القراءة ورهبتها يترك في المكان هيبة الإصغاء لحروفٍ لا نعرف كلماتها، ولكنها حتماً كانت تعني الأزمنة التي يفكر (أوقتاي) الوصول إليها وفهم خواطر ومشاعر الخان العظيم، إن كانت لديه فعلا مثل تلك الحواس؟ أترك نظرات (بردغاي) وأذهب إلى حيث معلومة أخرى، في هذه البقاع امتزج دم المغول والتتار معا، والبحث عن أصل يدخلك في إشكالياتٍ كثيرةٍ تخص الموروث والعرق والتقاليد، ورغم هذا تشعر بأنَّ الحضارة والتبدلات السياسية أعادت للبعض قدرة التفكير بأصوله العرقية بعدما كان العهد السوفيتي يتحاشى الخوض والتثقيف في هذا الأمر على أساس أنَّ الأممية لا تفرق بين عرقٍ وعرقٍ والإنسان واحدٌ في ظل النظرة الاشتراكية في التعامل مع الشعوب. أُمسك قطعة الجلد، أتأملها بنظرةٍ عميقةٍ وأتخيل رموزها ورسومها وهي تتحرك وتكشف عن معانيها. فأرى دنيا تتسع مع خطواتِ خيولٍ قويةٍ ورجالٍ يعتمرون الجلود دروعاً لحروبٍ أراها تستعر في سيرهم العجول، أرى مدناً تلمع بلون (الكشان)، تحرق، وتنهب أسواقها، وتمارس فواحش شتى بجواري وحريم قصورها، أرى حاناتٍ تغرق بالغمر، وحقول كرم تدوسها الخيل ليجري من تحت سنابكها العصيرُ الأسود والدمُ الأحمر ممزوجين بشهوةٍ طاغيةٍ لقائد الجند وهو يبتسم بغموضٍ أمام توسلات حاكم (سمرقند) أن يدخل المدينة بسلام ولا يدمر إرثها. يَهُزُّ القائد رأسه، ويدخل المدينة دون قتالٍ، ثم يأمرُ الجند ليفعلوا كل شيء. يقول (بردغاي)، وهو يتأمل نظرتي العميقة لصحيفة الجلد: كان أجدادنا قساةً، ليس لشهوة القتل فقط، بل إنَّ شهوة التدمير تَتَمَلَّكُهُم لأنهم لم يألفوا البناء والمدن المرتبة، وربما كانت فلسفة الخان تمتلك قصدها: التدمير والقسوة، تجعل العالم سهلاً كي يصل إليك. لهذا سار المغول إلى العالم وهم يحملون جملتهم المأثورة في قلوبهم وعقولهم: ((السهم الذي يرميه المغولي من قوسه يصل إلى كبد الطائر وكبد السماء في وقت واحد)) يجلب انتباهي سهمٌ مرسومٌ في المدونة. أراقب اتجاه نبلته، فأراها مصوبةً صوب شمسٍ مشعةٍ، فأعرف أنَّ الضوء هو حلم المغولي، ولكنَّه الضوء الذي يُرِيْهِ النهار الجديد، النهار الذي يقرر فيه تحطيم الجّرَار، وأرائك الحانة، وكَرْم الحقل. يسأل (أومتاي) شيخه عن سرِّ هذا. فيجيب الشيخ: بأنّ الطبيعة النائية، تمنح ساكنيها غرابةً في المشاعر. يحمل (أومتاي) عبارة الشيخ في ذاكرته ويفكر أن ينام لصباحٍ يرحل فيه من جديد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعيم عبد مهلهل: قاص وروائي عراقي مقيم في ألمانيا. حاز جائزة الدولة في الرواية 2003، حازت روايته "جنكيز خان" على المرتبة الثانية في جائزة دبي الثقافية 2007، حاز جائزة أدب الرحلات لعام 2011 عن كتابه "ابن بطوطة.. ناقة الجغرافية وأنوثة المدن". نشر عدداً من الأعمال الأدبية القصيية والشعرية والروائية منها: "فتاة حقل الرز"، "وردة بعطر الزقورة"، "اليوم الأخير من حياة الأمير".. وغيرها.

الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم