طفل القلب سرق التفاح من ستناي، وخبأها تحت شجرة جوزٍ في حديقة الخديعة الأولى.. كانت الأسماء حكاية القلم، ولكن الطفلة تمردت على المسميات بعنادها.. دعتها الريح لتجدل ضفائرها وترميها في النهر، فيصطادها العاشق الذي قُدت تراتيله من دبرٍ.. ناحت بومةٌ بقرب الشجرة والطفلة تنتظر العاشق، ليوقظ ترانيم الحياة، ولكن الحب كان قراءاتٍ تسكنها..

صهيل الفرس لم يخن خطاه، كانت تهب بنزع السكين من نصلها ولقمها للشجرة، فقد كانت التفاحة تدلها على هويتها التي طبعها الطفل على نبضها عشية وُلدت من روحها موسيقى... مهما مشطنا أغنيات قلوبنا، يرتحل الصوت في الأعماق.. هذه لوحة الروح ينزفها اللحن، وهذا مركب الصياد صار حطاماً عند المرفأ، وهذه الدمعة: مَن يُلبسها ثوب الدفء ليغار الحلم، ويُطلق قوافل الياسمين في عوالم ينبت الشوك فيها، يقض مضجع الحياة؟!

يغار الموت من أنثاه، وبرغم كل التناقض بينهما إلا أنهما يتناوبان في حكاية القلب والظل، هو يمدها بالإصرار والتحدي لإنبات بذورها، وهي تربت على كتفه كي لا يكون لئيماً ويتناول كل ما زرعته في رحم الأرض وتراتيل السماء.. "للغالي ودوني" كُتب في فنجان قهوتها وانتظرت من صبرها أن يتناوله القمر، فلا يأفل عند الفجر تاركاً للشمس أن تنثر نهاراً آخر بذاكرةٍ ضبابيةٍ.. يزهر النوم في أحضان القمر، والقمر ليس مُلكاً للنجمات..

آيزيس أيتها الزوجة الوفية، يا أغنية القمر: ثورة اللحن والصوت ما عادتْ ماديةً، بل تسيل وتتخلل الشريان وتقذف بالعالم خارج إطار الزمن بتوقيت العشق وتلغي قواعده الأربعين..

أحجية اللغة وأبجدية المسافات لا تحتاج نقاطاً في آخر السطور.. تَعاقُب الليل والنهار يحمل بطاقاتٍ صفراء وحمراء، ترسم جغرافيا جديدةً للأرض التي لم تستوِ يوماً في مداراتها..

ماذا لو أطللتُ من عينيك على العالم، وارتشفتُ البحر الذي لم أرَه سوى على خارطة قلبك؟!

سأنسى خرق الهدنة وألتقي بقلبك المتعب عند أول رشفةٍ من فنجان النوم.. ساحرٌ ذلك الصوت، يناديني للغرق وحواسي تبقى متيقظةً تدق مع نبض الساعة، في أية لحظةٍ سيزورني المطر، لا أريد تفويت المطر.. اشتقت للركض، هلاَّ تركض معي نرمي كل ما أثقل أرواحنا عمراً؟

سيأتي.. لن يأتِي.. سيأتي.. لن ي أ تِ يَ.. سيأتي.. نعم، سيأتي. سنتحرر في رقصة تانغو عند ثورة البحر، وصهيل المدينة في لحظات السلم.

لا ضحايا للحب، لا بداية لا نهاية، لا نزيف لا وجع.. تعبق مراكب عمرنا بالبن الطازج والقرفة، عشية العيد تكتمل أجزاؤنا المبعثرة مع النسيم الذي يبرم عهداً مقدساً مع أقدامنا..

تهمس لي في الصباح: صباحكِ أنا..

أكحل قلبي بعبارتك، ويبدأ النهار بك ولك، وأنت روافد الصوت.. هزَّ الضوء في مشكاة قلبك، ربما أوقعته ذات غفوةٍ واجتاحت فرسك البحر بزرقته المتعبة من كله لثمتْ كفركَ بالبرد...

تأرجح وطنٌ بكل ندباته حين نظرتُ للجبال، فرأيتُ علوها تجاعيدَ للوقت على أجنحة حلمي، أتخبط في احتواء هذا الكمّ من فسائل الدفء التي تغرسها بأرضي، أتراك تغلغلتَ لهذا الحد في أعماقي؟! أتراك أحرقت هالات السكينة وأضرمت النار في جوف اللحن المقدس لأجنَّة الكلام؟!

صابرين فرعون، كاتبة فلسطينية، مواليد مدينة القدس 1988م، حاصلة على بكالوريوس أدب إنجليزي من جامعة القدس-أبوديس.. صدر لها: 1-ظلال قلب/ نصوص نثرية\ دار فضاءات للنشر والتوزيع. 2- مرايا المطر \ نصوص نثرية \ دار فضاءات للنشر والتوزيع.. 3- قلقلة في حقائب سفر \ رواية \ دار فضاءات للنشر والتوزيع..

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم