"القلفة" - عضوكَ سيف مغمود، أمّا أنا ومحمود، فسيفانا قد شهرناهما منذ الشهر الأول لولادتنا، لذلك يحق لنا الزواج بأربع، فهما قد تنطّعا للقراع منذ نعومة أظفارهما. هذه الأفضلية يجب أن تقرّ بها، أمّا مزايداتكَ والميزات التي خلعْتَها على زائدتك اللحمية - من سهولة ممارسة العادة السرية بلا بصاق أو صابون، وما تؤمنه من متعة أكبر بسبب مساحة الجلد المكتنز بالنهايات العصبية، وأنّ الممارسة لديك باثنتين مما لدينا - فالواقع يكذبها ولا تنفعك، فلا يتساوى السيف المثلّم من كثرة الضراب والسيف الصدئ في غمده، حتى أنّك تستطيع معرفة شهرة أعضائنا من ولع النساء الغربيات بها، والعناء الذي يتكبدنه ليحظين بمضاجعة مَنْ يشتهر بجعل أربع نساء ينمن وهنّ منهكات الفروج، أضفْ على ذلك ما قرره الطب من منافع الختان . - بما تفسران إذن ختان البنات الذي وجد أساسه في قطع شهوة الأنثى، وما أكّده الطب من أنّه يخفف من ثورة الأنثى الجنسية، ويجعلها نهباً لأحلام لا تتحقق، فتصبح مخلوقاً معقداً كالشارب من ماء البحر لا يرتوي، فيقضي عمره في ملاحقة السراب، أليست الحور العين نتيجةً لهذا الحرمان؟! أمّا هذه الجلدة كالسرج للحصان، تجعل ركوبه ممتعا ًولا تترككما مقرحَي القفا، أو في هلوسات آخرةٍ تقضونها في المضاجعة ؟! - الذكر فزيولوجيته مختلفة عن الأنثى ولا وجه للمقارنة . ****** ****** ****** هذا الجدال لم يكن لينتهي إلّا بحكم خبيرة بأعضاء الرجال ومن غير رغدة، امرأة في الأربعين مرّ على فرجها آلاف مؤلّفة. لم نكن نملك إلا مئةً وخمسين ليرة، والسعر لديها كان بألفٍ لفنجان القهوة السريع، فليكن، الموضوع سؤال وجواب، ومن المؤكد أنّها ستزهو بنفسها ،فلا نعتقد أنّ أحداً من الرجال قد سألها هذا السؤال، وقد ترى فيه وجه فائدة غفلتْ عنها فترفع سعر فنجان القهوة سواء كان بهيل أم بدونه ! طرطوس مدينة مكشوفة، إنّها قرية كبيرة، تشعر فيها أنكَ معروف جداً، لذلك تسللنا إلى بيتها في العاشرة صباحاً، ما من أحد سيظنّ بنا، فهي لا تبدأ عملها - حسب ما سمعنا - إلا مساءً، رسمنا خط سيرنا، كان الأهم كيفية قرع الباب لإيقاظها، والتعبير الذي يجب إبداؤه على ملامح وجوهنا ليقنعها بعدم الصراخ بصوت يصل لآخر الشارع الجانبي، وعلينا أن نجعل المئة والخمسين ليرة ظاهرة، في حين يتولى داني سؤالها، و يبقى محمود خلفنا تحسباً، وبعد التحليل كانت علامة البله النتيجة الحاسمة التي يجب تقديمها لرغدة كملمحٍ لوجوهنا، الجدية البلهاء! صعدنا الطوابق الثلاثة، وأمام الباب وقفنا كمثلث متساوي الضلعين، قاعدته تستند إلى الباب، ثلاث دقات على الجرس وبعد ثوانٍ نعيدها، اهتزّ الباب كأنّ نسمة خفيفة مرّت من قربه، وانفتح على عمودٍ من لحم، وقبل أن تباغتنا بردة فعلها، كان داني يسرد ما اتفقنا عليه كتلميذ عينه على العلامة التامة أمام أستاذه : سيدتي المحترمة، أرجو منكِ أن تستمعي إلينا، فنحن -والله- لا نريد إزعاجك، لكن للضرورة أحكام، وأنت الوحيدة القادرة على إجابتنا وإلّا صداقتنا مهددة بالزوال. كان وجهها الناعس قد استيقظ تماماً، وعلته غرابة المستيقظ من كابوس، في تلك اللحظة دفعتُ بالمئة والخمسين ليرة أمام بطنها، وتابع داني : وهذا ثمن الجواب. عند كلمة الجواب تحركتْ حركةً عنيفةً، و أمالتْ جسدها بعيداً عن قوس الباب لتدفعه بيسراها بقوةٍ، مددتُ قدمي التي هُرسَتْ بين الباب وإطاره لمنعه من الانغلاق، وداني بدأ بتوسلاته : من أجل الله، أتوسل إليك، كرمى لله. اللغة الفصحى التي أثارتْ استغرابنا، عللّها داني بأنّ نطقه بها يجعله أكثر قدرة على الإقناع، فجربتُها في محاولةٍ لصيد فتاة، فالتفتتْ إلي وابتسامة عريضة تعلو وجهها، وعندما غمزتْ الصنارة تأكدتُ من صحة تعليل داني، فهل اعتبرتها هي حماقة!؟ أما داني فساق ما حدث دليلاً على أنّ النساء يضحكن مما ندعوه التفكير المنطقي، لأنّه يتحول للهاثٍ فيما بعد، فلا يمكن لكائن أن يكون منطقياً وله رأسان، وكعادتي عارضتُ نظريات داني : منطقية الرجل برأسيه، تعاكس هذه النظرية وتؤكدها ضحكات المرأة، فكيف لرأس واحد أن يملأ فمين بالكلمات . فُتِح الباب من جديد، حررتُ قدمي محاولاً منع تأوهات الألم من الخروج من حلقي، الألم سكنَ تلقائياُ عندما تلفظتْ رغدة : أنتم مجانين. فردّ ناطقنا الإعلامي وباللغة العربية الفصيحة : سيدتي نحن في قمة العقل، وطالب العلم يذهب إلى الصين ليعرف الجواب، وجوابنا لديك، ونحن لسنا متطفلين، ونعرف أن وقت عملك لم يحن بعد. تبتسم : ما هو سؤالكم؟. فتابع داني: أرجو ألا يسبب إحراجاً لك. تهمهمُ، بينما استجمعَ داني صوته لطرح السؤال عليها بلهجة علمية خالصة : سيدتي بحكم خبرتك أيهما أحسن، العضو المطهر أم غير ...!؟ تنفجر ضاحكة وتكرر: أنتم مجانين. فأجابها بكل وقار: عفواً سيدتي أرجو الإجابة. دفعتُ بالمئة والخمسين ليرة إلى يدها، فازدادتْ ضحكاً : نزعتم صباحي، الله ينزع صباحكم، لكن - والله - تستحقون فنجان قهوة ! غريب ما حدث و الأغرب ألا ندخل ! إنّها فرصة العمر، تهادتْ أمامنا بقميص نومها الذي يكشف عن فخذيها بالكامل، وإذا أسقطتَ قلماً على الأرض سترى كيلوتها الأسود، قليلاً من الانحناء يكفي، همس محمود. جلسنا في غرفة الضيوف /الزبائن . كان بيتاً عادياً، فيه لوحات إطارها أثمن منها، و طقم من الكراسي المخملية اللون، تسللتْ رائحة القهوة إلى أنوفنا، لم أكن مثاراً حقيقةً، فقد كنت مدهوشاً طوال الوقت الذي مضى وهي تعدّ القهوة . سألتهما فيما بعد، بماذا فكرا؟ كانت أجابتهما مثلما حدث لي : فكرنا باللاشيء ! كيف نفكر باللاشيء ونحن في بيت عاهرة، هل احتفظنا بعذرية الأفكار لما بعد لنجترها كفحول تحت أغطيتنا ونتأوه ؟! يبدو كذلك، لقد حدث هذا لي شخصياً، لستُ أدري لماذا لم نبح لبعضنا بما حلمنا، كنا نفعلها قبلاً، نتشارك الأحلام الجنسية عن بعض النساء، فيما بعد عرفتُ أن الفحل لا يريد شركاء حتى في أحلامه. دخلتْ كنادية لطفي، عقدتْ ساقاً على ساق، نظرتُ إلى فخذيها باطمئنان، كان وجهها جدياً، الوجه الجدي دليل على التفكير، لم أدرك وقتها أنّنا فتحنا جرحاً قديماً، خفّتْ نبرة صوتها، وتكلمتْ بلغة عربية بيضاء كلغة نشرات الأخبار، يبدو أنها متعلمة! تبدأ الذكريات ... (كان ياما كان)، تكلمتْ عن أشياء تعود لزمن بعيد، لم نكن وقتها قد ولدنا، تكلمتْ عن فتاة، يبدو أن ماضي المرأة هو فتاة تحلم، ثم تأتي هي لتدفع الديون، أمّا الرجل فماضيه ليس إلا رجولته، "ولدناته" تنسى أمام أطول حقبة له، فثلاثة أرباع عمر الرجل صفتُهُ الرجولة. المرأة كثيرة الحقب من طفلة، إلى فتاة، فصبية، فعزباء، فمتزوجة، فأم، فعاقر أو عانس، هذا الاستئناف يحكم عمر المرأة، لذلك كلامها ليس جديراً بالأخذ ككلام الرجل صاحب الفاء الوحيدة في حياته. أخذَنا حديثها، ولم يعد يعنيننا السيف المغمود ولا نظيره المسلول، تناسينا الثمن، ويبدو أنّه لم يكن يعنيها، هبطنا بهدوء من منزلها غير مكترثين أشاهدنا أحد أم لا. ***** ****** ****** إنّه اليوم الثاني بعد امتحانات البكالوريا، ثلاثتنا في الفرع الأدبي، فرع الفاشلين، فلا حاجة للفلسفة أو التاريخ أو الأدب، فقد شبعنا منهم في ماضينا، نحن في زمن الاختصاص الذي ينتج نقوداً كأنّه مشروع رأسمالي لا اشتراكي، ولسنا في زمن العمال والفلاحين الذين تقودهم طليعة ثورية قد ولّتْ . إنّنا من الفئة التي لا تجيد لغة العصر المتمثلة بالرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم، إنها لغة بنتْ عليها أوربا حضارتها طبعا ً، لكنّهم تناسوا أنّ فرعنا الأدبي هو من أعطى للفرع العلمي تلك السيادة. محمود : أين سرحت ؟ - البكالوريا يا رجل، أمامنا حلان ليسا متوافرَين، الوظيفة أو السفر، يقولون الفلسفة أم العلوم، لكنّ أمّنا تزوجتْ البراغماتية، و من يتزوج أمّنا يصبح عمنا، و الآداب أخلاق الشعوب لا الدول، و نحن نعيش في زمن الدول، لقد درسنا كتباً لا جدوى منها، قفا نبكِ من مستقبل ... ****** ****** ****** كنّا نضحك عندما دخلنا مطعماً صاحبه زميل لنا، كان قد استلمه بعد أبيه، استقبلنا بود ٍ و قُبلٍ على الخدود و الأكتاف : فرسان البكالوريا بماذا تأمرون ؟ أنا : مسبحّة البحر المتوسط. محمود : و اجعلها نثر . داني : صحن فول . أخرجتُ علبة الحمراء الطويلة، لم يحتج الشباب دعوة، كلّ منهم أخذ سيجارة، و علتْ فوقنا سحابةُ (صنع في سوريا) . بانتظار المسبّحة و الفول كانت عيوننا على الشارع، نراقب الصبايا العابرات . * المسبّحة: أكلة مصنوعة من الحمص . ***** ****** ****** تجشأ داني، وفاحتْ رائحة البصل، ومعها تداعتْ ذكريات قديمة جداً، قطعتُ الطريق على داني بعين تلسكوبية عادتْ في ضوء الماضي حوالي خمس عشرة سنة، جذبتُه من جانب محمود، وألصقته بالحائط، وهمستُ له : الأخ لا يكذب على أخيه، أتعبتنا بالنقاش عن عضوك ذي الغلفة لنكتشف أن ليس لعضوك واحدة ....!؟ دفعني داني، أنسل وجلس بجوار محمود المستغرب من كلينا، وأخذ يضحك : الواقع بما يجب أن يكون ليس بما هو كائن، والقصة قصة مبدأ. أزمجر وأصرخ : سأعريك هنا، وأجعلك فرجة كقرد السيرك، المبدأ الوحيد الذي أعرفه هو الحقيقة. تدخل محمود بيننا، وهو يظنّ أن خطباً ما قد حصل : يا شباب عيب، ليست الصداقة هكذا. أجبتُ محمود بينما داني يضحك، و أنا مثله تقريباً : هذا الكذّاب ليس له جلدة ولا من هم يحزنون، لقد تذكرتُ، كثيراً ما تنادرتْ أمّه وأمّي وهما يشربان القهوة عليه، لأن داني فقَدَ جلدته عندما كان عمره سنتين ونصف، فقد التهب عضوه العظيم، و لم يكن هناك من حل سوى تطهيره، لكنّ المخبول لم يستوعب ما حدث له، و لم يعد قادراً على التبول بعدها، و مضتْ ساعات طوال و أهله كالمجانين، فلم تنفع كل الوسائل لإقناع هذا التيس بالتبول، حتى فكّر الطبيب بتخديره، و سحب البول من مثانته عبر الإبرة، لكنّ أمه و أمي فكرتا أنّه لو شاهد عضوي ربما يقتنع أن ما حدث له ليس غريباً، و جلبوني و أروه عضوي الذي يشبه الخنجر دون غمده السخيف، وعندها بوّل المصون على السجادة، و لم يأكل علقةً بل ضمته أمّه إلى صدرها، أتمنى لو أكلها ساخنة. ضحك محمود : الآن أنتما شقيقان بالأعضاء. رد داني : شقيقان بالبول . قلتُ : بل الكل للواحد و الواحد للكل . صمتنا بعدها، فهذه المقولة لا تصلح مع الأعضاء الذكورية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب من سوريا نوكيا - 2014 - دار ليليت - مصر الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم